يرصدها وحيد عبدالمجيد فى كتابه الجديد
فى كتابه «ماذا حدث لثورة يناير؟»، يحدد الدكتور وحيد عبدالمجيد الأخطاء التى وقعت فيها القوى الديمقراطية ودفعت ثمنها غاليا، منذ أن صارت لحظة نجاحها فى مقاومة هيمنة «الإخوان» فى 30 يونيو هى نفسها لحظة فشلها فى تحقيق الهدف الأساسى لهذه المقاومة، وهو «إنقاذ ثورة 25 يناير واستعادة المسار الديمقراطى وتعزيزه، ويحتل الدكتور محمد البرادعى مساحة رئيسية فى هذه «الأخطاء»، وهو ما يشير إلى أن نقد دور «البرادعى» لا يتوقف فقط على القوى التى تناصب ثورة 25 يناير العداء، وإنما تمتد أيضا إلى فريق ينتمى لمعسكر الثورة.
والمعروف أنه فى مرحلة حكم محمد مرسى تشكلت جبهة الإنقاذ كرد فعل على الإعلان الدستورى لـ«مرسى»، وضمت القوى السياسية والأحزاب المعارضة لحكم الإخوان، وكان «البرادعى» هو أول منسق عام لها، ويتحدث «عبدالمجيد» عن خطأ تفويضه ممثلا وحيدا للجبهة فى الاتصالات التى قادت إلى إعلان «بيان 3 يوليو»، والترتيبات التى انبثقت عنه، رغم ضعف حسه السياسى وقلة خبرته وحداثة عهده فى هذا الميدان.
ويرى «عبدالمجيد» أن البرادعى يتحمل المسؤولية الأولى عن إفلات الفرصة الأخيرة التى أتيحت للقوى الديمقراطية للتأثير فى المسار السياسى فى الأسابيع التالية لـ«30 يونيو» فقد انفرد باتخاذ قرارات خاطئة من دون أى تشاور مع قيادة «جبهة الإنقاذ»، بدءا بقبوله موقعا هامشيا فى مشهد إعلان «3 يوليو»، فلم يدرك الأهمية التاريخية لهذا المشهد، والارتباط الوثيق بين دلالته الرمزية، وآثاره السياسية على موقع القوى الديمقراطية فى المسار المترتب عليه.
ووفقا لـ«عبدالمجيد»، فإنه رغم أن تفويض البرادعى لم يكن يجيز له حسم خلاف بين القوى الديمقراطية على مبدأ المشاركة فى أى جسم سياسى يتشكل بعد «30 يونيو»، فقد حصل على منصب نائب الرئيس المؤقت «عدلى منصور»، وقاد عملية تشكل حكومة برئاسة شخصية ضعيفة «حازم الببلاوى»، وضم سبعة من المحسوبين على هذه القوى إليها، وسرعان ما أصبح رئيس هذه الحكومة والوزراء المنتمين إلى القوى الديمقراطية جسرا لتمرير إجراءات قمعية بعد استخدامهم فى إصدار قانون يمنع التظاهر الذى كان هو طريقهم إلى السلطة، فضلا عن شن حملات سياسية وإعلامية ممنهجة ضد بعضهم ضمن متطلبات وضع الأساس لعملية الانقضاض على ثورة 25 يناير.
يتوقف «عبدالمجيد» عند اللحظة التى غادر فيها «البرادعى» منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، ويقرأها على هذا النحو: «مثلما انفرد البرادى بقرار إشراك القوى الديمقراطية فى سلطة «30 يونيو» أسرع إلى مغادرتها وترك البلاد فى لحظة مؤلمة خلال فض اعتصامى «رابعة» و«النهضة» بدلا من أن يتحمل مسؤوليته، ويسعى من خلال موقعه التنفيذى إلى وضع حد لصراع دموى ما زال مستمرا، وكانت استقالته «هدية» أخرى تلقفتها القوى المضادة للثورة لشن حملة هائلة مؤداها عجز القوى الديمقراطية عن تحمل المسؤولية، الأمر الذى شوه صورتها شعبيا، وأضعف موقف وزرائها فى الحكومة، فاضطروا إلى قبول تمرير قوانين وإجراءات مقيدة للديمقراطية وداعمة للقوى المضادة للثورة».
يتخذ الكتاب موقفا نقديا من المرحلة التى تلت 30 يونيو، بالرغم من أن مؤلفه كان من قيادات جبهة الإنقاذ، ويتكون من خمسة فصول يبدأها بمقالة طويلة قيمة بعنوان: «موقع ثورة 25 يناير فى تاريخ الثورات الشعبية»، وهى دراسة عميقة قراءتها تمدنا بقدرة تحليلية لمسار الثورة منذ أن تفجرت وحتى الآن، وتضعنا أمام إجابة على سؤال مهم: «هل ستنجح الثورة فى تحقيق أهدافها أم لا؟».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة