محمد شومان

الأسطورة محمد رمضان.. وأوهام صناعة بطل

الأحد، 03 يوليو 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- هذه المشاهدة أو الاستهلاك الجماهيرى للمسلسل تعنى أن فائض العنف فى المجتمع كبير



لن أناقش الجوانب الفنية فى مسلسل «الأسطورة»، وإنما سأركز على معانى ودلالات صناعة بطل، ورسم معالم البطولة، من شخص خارج عن القانون، يمارس القتل والسرقة، وينتقل بسهولة وبمشاعر جامدة بين أحضان نساء جميلات، وينفق فى بذخ ويعيش فى عالمين متناقضين، عالم الحارة الشعبية، وعالم الحياة المخملية والثراء الفاحش.

الدلالات كثيرة ومعقدة، لأن عملية صناعة البطل والبطولة تجرى فى شهر رمضان، الذى يفترض فيه تقديم فن محترم وملتزم بالحد الأدنى من قيم الإسلام وفلسفة الصوم والعبادة، لكن ما يقدم فى دراما التليفزيون والإعلانات بعيدا تماماً عن كل ذلك، ومتناقضا معه، وأعتقد أن هذا التناقض صار مقصوداً، وربما أحد أسرار النجاح، من زاوية أن صناع الدراما وصناعة التليفزيون تعمل لكسر المألوف والمتوقع، أى إحداث صدمة للمجتمع والأفراد، صدمة تتعارض مع كل التوقعات، ومع مناخ وقيم الصيام.

بنفس آلية إحداث الصدمة والخروج عن المألوف يختار صناع الدراما والسينما فى مصر والعالم المجرم القوى، الذى أجبرته الظروف الصعبة على الخروج على القانون ليصنعوا منه بطلاً، والنموذج متكرر فى كثير من الأفلام، لكن ربما كان الجديد أن صناع الدراما نقلوا هذه الخلطة إلى التليفزيون فى رمضان، نقلوها من خلال الاعتماد على محمد رمضان، وهو نجم مشهور ومحبب لقطاعات واسعة من شباب الأحياء الشعبية، وسبق له القيام بهذا الدور، بل قد يكون هو الدور الوحيد الذى يجيده، والذى حبس موهبته فيه.
والمفارقة أن محمد رمضان يعرف ذلك ويجيده ويحبه!! والأهم أنه يعرف جمهوره جيداً، من هنا نجح فى اختيار ملابس وقصة شعر ودقن وطريقة مشى وكلام تناسب الدور وتجذب جمهوره.

لكن لماذا اختار صناع الدراما هذا العام المجرم القاتل كرمز للبطولة؟ ولماذا لم يختاروا شابا مصريا رياضيا أو متفوقا دراسياً أو ناجحا فى عمله كى يصنعوا منه بطلاً؟ ولماذا لا نصنع ونروج لبطل طيب وإيجابى يعيش بيننا؟ أظن أن عنف الواقع وقسوته تخلق طلبا جماهيرياً، خصوصاً لدى الشباب، لمشاهدة واحد منهم قادر على التفوق فى ممارسة العنف وتحدى سلطة القانون، فهو أسطورة لا تقهر فى الإجرام وممارسة العنف وجنى الأموال والفوز بالنساء، بدون حضور قوى للقانون أو الشرطة التى يفترض أنها تطبق القانون على الجميع، لكن الأسطورة أو البطل هنا متجاوز للقانون ولسلطة الشرطة، أى أنه حلم ممكن أمام كل شاب يستطيع أن يقلده أو يرى فيه نفسه، مسألة تقليد البطل أو التماهى معه تتعلق باستهلاك الجمهور للخطاب أو المحتوى الفنى والإعلامى، حيث حقق المسلسل الضعيف فنياً انتشاراً واسعاً ونسب مشاهدة كبيرة، كما أظهر نمطا من المشاهدة الجماعية يحتاج لدراسة، حيث وصلت حالة الإعجاب فى الأحياء الشعبية بالأسطورة إلى مشاهدة الحلقات على المقاهى فى طقس جماعى غريب، يتخلله التصفيق والرقص فرحاً عندما يقتل بطلهم المحبوب محمد رمضان الأسطورة أو يزف إلى زوجة أخيه، أو ينفذ جريمة كبيرة.

ولا شك أن هذه المشاهدة أو الاستهلاك الجماهيرى للمسلسل يعنى أن فائض العنف فى المجتمع كبير، وأن له جمهوره وضحاياه، واحتياطى هائل من الراغبين أو الحالمين بممارسة العنف والجريمة على غرار ما يقوم به الأسطورة، لكن ربما يكون الإقبال على استهلاك عنف الأسطورة هو نوع من التنفيس الاجتماعى المطلوب، قد يكون هذا صحيحاً، وهناك دراسات إعلامية ونفسية أكدت أن مشاهدة العنف تقلل من التوتر لدى المشاهدين، لكن قناعتى أن جرعة العنف زائدة فى الأسطورة.

ومن الصور التليفزيونية الغريبة للبطل المجرم محمد رمضان، ظهرت صور حقيقية، فقد حلق بعض الشباب شعره وذقنه بطريقة محمد رمضان فى المسلسل، وظهرت صور من ورق وأشكال مطبوعة على تى شيرتات تباع على أرصفة الشوارع، المعنى أن عملية الانتقال من التليفزيون للواقع قد بدأت واستفاد بعض رجال البزنس وصناعات تحت بير السلم من الظاهرة أو موضة محمد رمضان، وحولوا الرجل إلى أيقونة ورمز للبطولة والتجارة فى العيد، وربنا يستر وتقتصر الظاهرة على الملابس وقصة الشعر والذقن، ولا تتحول إلى ممارسة اجتماعية للعنف والجريمة فى شوارع المحروسة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة