ماجدة إبراهيم

المدينة الفاضلة ‎

السبت، 30 يوليو 2016 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نحن فى حاجة إلى أكبر من تعاون دولى للقضاء على الإرهاب



ليس كل ما نحلم به نستطيع أن ننفذه على أرض الواقع.. فما أجمل الخيال عندما يظل خيالا، وكما كانت المدينة الفاضلة لأفلاطون فى القرن الرابع قبل الميلاد من أحلام الفلاسفة العظام فيظل البحث عن العدل والحق من أحلامنا حتى نهاية العالم.. هذا ليس تشاؤما لما نعيشه الآن ليس فى مصر وحدها، ولكن فى العالم كله من قتل وظلم وتعذيب وقهر لم نعد نصدقه، كنت أعتقد وربما يكون اعتقادى خاطئا، بل أنه بالتأكيد خاطئ أنه كلما تقدمت الدول وقويت شوكتها وازدادت رفاهيتها كلما تخلصت من الاستهداف أو على الأقل استطاعت أن تشعر أكثر بالأمن والأمان، ما تعيشه أوروبا وأمريكا بكل تقدمها يسقط نظرية الأمن والأمان فلا يوجد فى العالم مكان آمن، وتحضرنى المقولة الشهيرة التى قالها رسول كسرى عندما أرسله كسرى للقاء سيدنا عمر بن الخطاب وسأل عن قصره المنيف فوجده بيتا بسيطا كبيوت فقراء المسلمين ووجده ينام تحت ظل شجرة، فقال حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر، والسؤال هنا هل يكون العدل هو ما يمنحنا الأمن والأمان؟ رغم أن سيدنا عمر قد قتل على يد الفارسى الكافر أبولؤلؤة المجوسى فى بيت من بيوت الله، ولله فى ذلك حكمة لا يعلمها إلا هو، والعدل هو صفة إلهية وإذا وصفنا بها إنسانا أو نظاما ما، فهذا يعنى تميزا رفيع المستوى.. والغريب حقا أن يخرج من قلب أنظمة ضاربة فى النظام الديمقراطى منذ عشرات السنين إرهابيون يؤرقون مضاجعها ويقضون على أحلامهم فى الراحة وسوف أفترض فرضية ربما يتفق معى البعض، وربما يختلف أن هذه الأمم المتقدمة وهى فى طريقها للتقدم داست وظلمت وكونت قوى تدافع عن وجودها، وأفرزت نماذج غير سوية، فالمدينة الفاضلة التى تخيلها أفلاطون حكمها الفلاسفة أصحاب العقل الراجح والعلم ولكن العالم الآن تحكمه القوة ولا شىء غير القوة من أجل هذه القوة تسخر الطاقات ويبنى اقتصاد الدول وتخترع أحدث الأسلحة التى تحمى وتدافع عن الصدارة.

هكذا أفرزت القوة العظمى فى العالم الولايات المتحدة الأمريكية تنظيم القاعدة التى عانينا وعانت هى نفسها منه. ومن بعدها داعش وغيرها ممن خرج من عباءتها التى خربت العقول ومازالت تخرب وتدمر، كنا نظن أننا فى مصر بينها وبيننا ثأر تريد أن تأخذه، ولكنها على ما أظن قررت أن تنشر روح الثأر والدم وتقتص ممن ظلم وممن كان ظالما من البرىء قبل المذنب.. هكذا تدور الأمور فى العالم فلم يعد هناك مكان نستطيع أن نصفه بالآمن، حتى أصبحنا نضحك على الجملة الشهيرة التى تكتب وتقال عن مصر «ادخلوها بسلام آمنين»، وما يدمى القلب ويحزنه أن تشهد مدينة جميلة مثل نيس بفرنسا عملية فى غاية القسوة ومن نيس إلى ميونخ.. ومن المدينة المنورة إلى إسطنبول حتى اليابان لم تسلم من عملية إرهابية من نوع مختلف، فكانت تفريغا عن ظلم دفين قد تعرض إليه أحدهم الكل ينتظر دوره فى طابور الظلم البشرى، لا أحد بعيد عن يد الشر، لا أحد يتوقع متى يأتى عليه الدور، كنا فى مصر نشعر وحدنا أننا المستهدفون لكن الشر ليس له مدى ولا نهاية.. نحن فى حاجة إلى أكبر من تعاون دولى للقضاء على الإرهاب، نحن فى حاجة إلى أكثر من مجرد رصد التحركات والعمليات المخابراتية، نحن فى حاجة إلى لطف من الله القدير، نحن فى حاجة إلى رحمة السماء.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة