حسنًا فعلت الحكومة بإعداد مشروع قانون لزيادة مرتبات الوزراء ورؤساء الحكومات والمحافظين، فقد كان هذا الأمر مطلوبًا لزوم الحفاظ على برستيج وزراء مصر ومحافظيها خاصة أن وزراء مصر يدخلون ضمن محدودى الدخل رغم ما عليهم من التزامات شكلية، وما تفرضه وظيفتهم من وقار المظهر.
وأعتقد أن المرتبات المقترحة ليست كبيرة ولم تبالغ فيها اللجنة التى أعدت القانون والتى التزمت قواعد الحد الأقصى للأجور فلم تزد مرتب رئيس الوزراء عن 42 ألفًا ولم تتخط بمرتب الوزير أو المحافظ عن 35 ألفًا، ويصل مرتب نواب الوزراء والمحافظين إلى 30 ألفًا .
وبغض النظر عن غضب البعض من هذا التعديل فى التوقيت الحالى، أو حتى عن محاولة الإخوان الاصطياد فى الماء العكر واستخدام هذا المشروع فى تحقيق أغراضها السيئة، إلا أننى من المقتنعين تمامًا بحق الوزراء فى هذه الزيادة التى تناسب قدر ما لا عليهم من مسئولية .
لكن ما استوقفنى فى المشروع هو قيمة المعاش المقترح لهم بعد مغادرة المنصب والذى حدده المشروع بـ80 بالمائة من إجمالى آخر مرتب كان يتقاضاه رئيس الحكومة أو الوزير والمحافظ، ورغم أنى مع هذه النسبة تمامًا، لكنى أطالب ألا يقتصر تطبيقها على الوزراء وحدهم وإنما تعمم على كل أصحاب المعاشات فى مصر، فلم يعد مقبولاً أن تهتم الحكومة بمعاشات وزرائها ومحافظيها وفى الوقت نفسه تصمت على التدهور الذى يطال أى موظف آخر فى الدولة لمجرد خروجه للمعاش.
فما يحدث فى مصر ليس له مثيل فى العالم، حيث ينهار دخل الموظف بين يوم وليلة، ويتحول من مواطن مستور ولديه الحد المقبول من الدخل الذى يحفظ كرامته إلى مواطن يتسول العمل كى يكمل مصروف بيته، والسبب الوحيد أنه بلغ سن المعاش، أعرف مواطنين شرفاء كانوا فى مواقع مهمة ويتقاضون مرتبات مرضية للغاية تكفيهم أعباء الحياة، وانتهى بهم الأمر بعد بلوغهم سن المعاش إلى تقاضى 1100 جنيه أو 800 جنيه لا يعرفون ماذا يفعلون بها وكيف يكملون شهرهم.
أقدر طبعًا أن الوزير يجب أن يحافظ على وضعه المالى حتى بعد الخروج، لكن هذه الرغبة والرؤية يجب أن تكون شاملة فلا تتوقف عند الوزراء وإنما لابد أن تمتد لـ7 ملايين موظف حكومى، بل وتلزم بها المؤسسات والجهات الخاصة لنرفع المعاناة عن مواطنين أفنوا حياتهم فى سبيل الوطن وأقل ما يمكن أن نقدمه لهم دخل يضمن لهم راحة البال بعد المعاش، فالموظف ليس أقل أهمية ولا أقل احتياجًا من الوزير، بل يحتاج هو الأخر معاشًا مناسبًا يحميه كما يحمى الوزير السابق، وأعتقد أن هذه الهيكلة لو تمت فى معاشات المصريين وأن كلفت الموازنة مليارات لكنها ستحقق قدرًا مهمًا من الاستقرار النفسى والاجتماعى والذى سينعكس على الوضع العام، بل والوظيفى أيضًا، ولو نجحت الحكومة فى أن تجرى التعديلين فى وقت واحد فترفع مرتبات الوزراء ومعها معاشات الموظفين ستكون قد حققت انجازًا غير مسبوق سيحسب لها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة