أعادت واقعة خطوبة طفل 12 عاما لطفلة 10 أعوام، فى حفل ضخم بقرية تابعة لمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية، قضية زواج القاصرات فى مصر للظهور مرة أخرى، وطرحت تساؤلات عديدة حول تحركات الدولة لحماية الأطفال، بعد أن أقر الدستور مواد تكفل حماية حقوقه.
وكشفت زينات أحمد عمر هندى رئيس مجلس إدارة رابطة المرأة العربية بالشرقية، عن كارثة تتمثل فى وجود قرية كاملة وهى قرية "سنهوت" تابعة لمركز منيا القمح تزوج البنت فى المرحلة الإعدادية عرفيا وقاصرا، وببلوغها سن الرشد يتم توثيق عقد القران، ولكن يكون قد ترتب على ذلك أبناء غير مثبت نسبهم وغيرها من الأضرار النفسية التى تلحق بالقاصر.
مشاكل نفسية وانهيار مجتمعى يواجهه المجتمع المصرى خاصة المجتمع الريفى بزواج القاصرات.. بسبب الفقر والتواضع الفكرى لرب الأسرة الذى يوافق على بيع ابنته التى لا تتخطى الـ14 عامًا لتصبح بين عشية وضحاها زوجة مسئولة عن منزل ومسئولة عن أطفال رغم أنها ما زالت طفلة.
ورغم أن الدستور المصرى، وضع مواد تنص على حماية الطفل، إلا أنه لا يوجد به نص دستورى صريح، ينص على حماية المرأة من الزواج المبكر بشكل مباشر، حيث اقتصر فقط على التأكيد على أن الدولة تلتزم برعاية الأطفال وحمايتهم من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى.
تحتاج هذه الظاهرة السلبية إلى تضافر جهود عدد من المؤسسات الرسمية ووغير الرسمية، وفى مقدمتها الأزهر والكنيسة، من خلال التوعية والتثقيف فى الخطب والمحاضرات الدينية وتفنيد الأباطيل الفقهية المتعلقة بالظاهرة.
أصدرت مؤخرا وحدة تحليل السياسة العامة وحقوق الإنسان بمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، ورقة سياسات جديدة بعنوان "الزواج المبكر: بين الواقع القانونى والممارسات الفعلية"، وناقشت عددًا من المحاور ذات الصلة بظاهرة الزواج المبكر، والتى تعد من أخطر المشكلات الاجتماعية التى تسىء إلى سمعة مصر الدولية، وتمثل خطرا على المجتمع وعوامل التنمية، كما تعتبر من أهم السمات الاجتماعية والثقافية لكثير من المناطق الريفية وغير الحضرية.
وأوضحت الورقة، أن هناك التزامات دولية تقع على عاتق الحكومة المصرية، فيما يتعلق بمكافحة الزواج المبكر، حيث تعد مصر طرفا فى اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، واتفاقية حماية الطفل، إضافة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم فى فبراير 1993.
وقدمت مؤسسة ماعت للسلام من خلال تلك الورقة عدة توصيات لمواجهة ظاهرة الزواج المبكر فى مقدمتها ضرورة تشديد العقوبات فى القوانين المختلفة لمنع وتجريم الزواج المبكر، نظرا لخطورة الظاهرة على المجتمع المصري، ومن تلك القوانين تعديل المادة 227 من قانون العقوبات، ورفع سقف عقوبة الإدلاء بأقوال غير صحيحة، بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج.
تطور زواج القاصرات فى مصر وأصبح يسيطر عليه شبكات منظمة للاتجار بالبشر، بعد أن كان يقتصر على مشروعات فردية للوساطة بين الفتاة أو أهلها وبين المشترى، وأصبح نطاق العمل الحر فى تلك الشبكات أكثر شمولًا وحرية منذ ثورة 25 يناير 2011، لتشتهر قرى بعينها فى مصر بإباحة زواج القاصرات، حتى أصبحنا نمتلك ما يشبه "سوق النخاسة".
ورغم تحديد القانون الحد الأدنى للزواج فى مصر 18 عامًا، تبلغ نسبة زواج القاصرات فى مصر 15% من نسبة المتزوجات، وحذرت دراسة حديثة من ظاهرة الزواج المبكر بين الفتيات أقل من 20 سنة، وأكدت أنه يرتبط بحدوث طلاق مبكر، وطالبت بالعمل على رفع سن الزواج من خلال سن قوانين جديدة وتفعيل القوانين القائمة.
وأوضحت الدراسة أن ظاهرة الزواج المبكر تنتشر فى مصر، حيث بلغ عدد حالات الزواج المبكر (لفتيات أقل من 20 سنة) التى تمت فى 2006 حوالى 153 ألف حالة تمثل نحو 29% من إجمالى حالات الزواج التى تمت فى عام 2006. وأشارت بيانات التعداد العام للسكان لعام 2006 إلى أن حوالى 11% من الإناث فى الفئة العمرية (16 - 19 سنة) متزوجات حاليا أو سبق لهم الزواج.
وذكرت الدراسة أن 26 ألف طفل يعانون من تفكك أسرهم نتيجة طلاق الوالدين، موضحة أن الطلاق يؤدى إلى تفكك الأسرة، وهو ما يتطلب تغيير قوانين الأحوال الشخصية ورفع الوعى بتداعيات الطلاق فى مصر لتجنيب هؤلاء الأطفال معاناة طلاق الوالدين.
وطالبت برفع الوعى وإدماج الفتيات فى التعليم وسوق العمل، وهو ما من شأنه أن يؤدى إلى تجنب الدولة العديد من الأعباء التى تنجم عن الزواج المبكر، ولفتت إلى أن تأخر سن الزواج أكثر انتشارا بين السيدات اللاتى تلقين قدرا أكبر من التعليم، كما تتأثر الرغبة فى الزواج بدخول المرأة إلى سوق العمل وطبيعة القطاع الذى تعمل به.
وكان للمجلس القومى للطفولة موقفا من القضية أكد خلاله ضرورة العمل على مواجهة التحديات للتصدى لزواج الأطفال، وزواج الصفقة مثل التحايل على القانون من خلال عقد الزواج بعقد عرفى ثم التصادق على الزواج بعد بلوغ الفتاة السن المحددة قانونا، وأهمية الاستناد إلى حكم المادة 116 مكرر من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 الذى يضاعف العقوبة إذا ما وقعت الجريمة على طفل..
وتنص على أنه "يزاد بمقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأى جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل، أو إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية عليه أو المسئول عن ملاحظته وتربيته أو من له سلطة عليه، أو كان خادماً عند من تقدم ذكرهم، و(أ) يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من استورد أو صدر أو أنتج أو أعد أو عرض أو طبع أو روج أو حاز أو بث أى أعمال إباحية يشارك فيها أطفال أو تتعلق بالاستغلال الجنسى للطفل، ويحكم بمصادرة الأدوات والآلات المستخدمة فى ارتكاب الجريمة والأموال المتحصلة منها، وغلق الأماكن محل ارتكابها مدة لا تقل عن ستة أشهر، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقوق الغير وحسن النية".
كما أوصى بإعادة النظر فى تعديل نص المادة رقم 227 / 1 من قانون العقوبات التى تنص على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد عن ثلاثمائة جنيه، كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانوناً لضبط عقد الزواج أقوالاً يعلم أنها غير صحيحة، أو حرر أو قدم لها أوراقاً كذلك، متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق"، بحيث يتم اعتبار السن من البيانات الجوهرية وتشديد العقوبة بالسجن على المأذونين ويتم معاقبتهم على أساس كونها جناية وهل يمكن اعتبار التصادق على الزواج جنحة، حيث يتحايل البعض على القانون من خلال عقد الزواج بعقد عرفى ثم التصادق على الزواج بعد بلوغ الفتاة السن المحددة قانونا.
موضوعات متعلقة..
البرلمان يواجه زواج القاصرات والتحايل على قانون الطفولة.. يبدأ مراجعته لتغليظ العقوبات وإلزام "المأذونين" بالدفاتر المسلسلة لمنع الزواج غير الموثق لحين سن البلوغ.. ومطالبات بخطاب دينى وتوعية فى الصعيد
غادة والى: زواج القاصرات جريمة متكاملة الأركان ويجب تشديد عقوبة مرتكبيها
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة