الانبا ارميا

"ضيف فى الحياة"

السبت، 09 يوليو 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ضيف فى الحياة تختلف وتتباين مشاعر البشر تجاهه، وكثيرون لا يرغبون فى استقباله فحاولوا أن يتناسوه بانشغالهم عنه بأمور الحياة حتى ظنوا أنه رحل عنهم ولن يلقاهم؛ وآخرون يتذكرون لقاءه ويستعدون له: إنه الموت.

حار الجميع فى إدراك ماهية ذلك الضيف، وراح كل منهم يفسره بما تعلمه من أساليب متعددة ومتنوعة منها العلمى والنفسي، فى محاولات لتعريفه ورسم صورة واضحة فى الأذهان عنه، لكنه يظل ذلك الضيف الذى يحمل سرًا وغموضًا لا يدركهما إلا من اجتازه. فحتى أولئك الذين قيل عنهم إنهم ماتوا ثم عادوا إلى الحياة لم يصدق كثير كلماتهم بل أضافت كلماتهم حيرة على حيرة! لذلك دعونا نقترب إلى ذلك الموضوع، لا من زواية تحديد ماهيته، ولكن من منطلق أننا يومًا سنلتقيه، وكيفية إمكاننا ألا نخشاه:
أولا: يجب ألا نفصل الموت عن قرين له هو القيامة، فالموت ما هو إلا جسر يربط بين حياتين مختلفتين: إحداهما على الأرض فى جسد مادى يحمل معه علامات الزمن الثقيلة التى تنطبع عليه فتزيد من ضعفه ووهنه على مر الأيام، جسد يتأثر بالأحزان والآلام والحرارة والصقيع وغيرها؛ والأخرى فى السماء فى جسد روحانى لا يتعب أو يمرض أو يتأثر بكل ما هو مادي. لذلك، لا يمكننا أن نقول إن الضيف هو الموت ونصمت، فهذه هى نصف الحقيقة، أما نصفها الآخر فهو القيامة: الحياة الأخرى التى لا تنتهى إلى الأبد.

ثانيًا: إن الموت هو نوع من الفراق إلى حين يأتى يوم تلتقى فيه البشرية بأكملها فى جميع العصور والأزمان والأماكن، من كل صوب وجهة، ومن الممكن أن تلتقى أناسًا قرأت عنهم وأحببتهم دون أن تلقاهم، وهكذا سوف تجتمع الإنسانية جميعها معًا.

ثالثًا: عليك أن تستعد للقيامة التى تعبر إليها من خلال الموت، فالأبرار سيحيون فى سعادة وفرح دائمين. أما الأشرار، فمصيرهم الشقاء والموت الأبدي: وهذا هو الموت الذى يجب أن يهرب منه كل إنسان. لذلك عليك أن تقرر الحياة التى تريدها وتستعد لها.

رابعًا: كى تستعد، عليك أن تدرك ما يمكنك أن تحمله معك فى أثناء عبور جسر الموت، ما سوف يُسمح لك بأن تقتنيه فى تلك الحياة الآتية: فإنك لن تحمل معك أموالك، ولن تحمل كنوزك، ولن تحمل سلطاتك أو ألقابك، ولن تحمل مواهبك أو شهاداتك، ولن يرافقك أصدقاء أو أحباء؛ ولكن سيُسمح لك بأن تحمل ما قمت به من أعمال استخدمت فيها كل ما لديك من تلك الأشياء أو ما فعلته مع أحد الأشخاص. أعجبتنى كلمات كتبها أحدهم يقول فيها إن الله لن يسألك عن نوع سيارتك، بل: كم شخصًا لم يكن لديه وسيلة مواصلات وقد أقلته؟
لن يسألك كم مساحة بيتك، بل: كم شخصًا أضفته فيه مقدمًا محبة؟
لن يسألك عن كم ملابسك، بل: كم شخصًا كسيت؟
لن يسألك قدر راتبك، بل: كيف أنفقته؟ وهل شاركت من كان محتاجًا أو يطلب المساعدة؟
لن يسألك عن عددك أصدقائك، بل عن إخلاصك لهم.
لن يسألك عن نوع وظيفتك، بل عن إخلاصك فيها.
لن يسألك عن المكان الذى عشت فيه، بل: أى إنسان كنت بين الآخرين؟
لن يسألك عن نوع بشرتك، بل عن نوع نظرتك فى الآخرين.

• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة