لايزال المستشار هشام جنينة يطلق تصريحاته النارية عن الفساد، رغم الحكم بحبسه عاما، واتهامه بإذاعة أخبار كاذبة على نحو يسىء إلى مؤسسات الدولة، ويزعزع الثقة فيها ويعرض السلم العام للخطر، بعد إدلائه بتصريحات إعلامية أثناء توليه رئاسة الجهاز، قال فيها إنه اكتشف وقائع فساد بأجهزة الدولة، تجاوزت قيمتها 600 مليار جنيه خلال عام 2015 وحده.
لايزال يردد عبارات إنشائية مرسلة، ويطلق شعارات زائفة، رغم أنه عجز عن إثبات شىء مما قاله، وكانت وظيفته السابقة كرجل قانون، وكرئيس لأكبر جهاز رقابى فى مصر، تحتم عليه ألا يطلق الاتهامات جزافا، خصوصا أنه صمت عن الحديث عن فساد وصل إلى حد الخيانة العظمى فى عام حكم الإخوان، لأن الذى جاء به هو الرئيس المعزول محمد مرسى عام 2012، ويركز سهامه على فترة حكم الراهنة، بنفس العبارات والاتهامات التى تفتقد السند والدليل، وقوامها التضليل والتضخيم وفقدان المسؤولية.
على سبيل المثال ما قاله بعد الحكم بإدانته بأن «الجميع ينتهك القانون ويختلس من أموال الدولة»، وأنه على ثقة بأنه لن يتم التخلص من الفساد فى البلاد، إلا فى حال اعتراف السيسى بأن الفساد يعم مصر فى كل ركن من أركانها». وأن «الشفافية تنجح فقط فى ظل نظام ديمقراطى، ومصر لم تصل بعد إلى هذه المرحلة».. وهى عبارات مستهلكة يتم استخدامها كقنبلة لتغطية عجزه التام فى الكشف عن وقائع فساد محددة، تساعد فى مقاومة الفساد، فكان عزله من منصبه ضروريا وحتميا، ليس لأنه يتصدى للفساد، ولكن لنشره معلومات كاذبة وأقوال مضلة، الغرض منها الإساءة والتشويه، وتقويض أمن الدولة وسمعتها فى الداخل والخارج.
وعندما يزعم المستشار جنينه أن «الفساد يعم مصر فى كل ركن من أركانها»، يقع فى نفس خطيئة تهويل الـ600 مليارا، وسوف يعجز مرة أخرى عن تحديد الأركان، ويطلق خطبا بديلة تصلح فى المظاهرات والمسيرات والوقفات الاحتجاجية، وليس لوجه الله والوطن، أو المساعدة فى تتبع ومحاسبة المسؤولين، ويتجنى على العيون الساهرة للأجهزة الرقابية، التى تتبع الفاسدين وتسقط منهم أعدادا كبيرة.
وعندما يتحدث عن «الشفافية» فهو أول من يغتالها، لأنها تستهدف نشر القيم الفاضلة فى المجتمع والإصلاح ومحاربة الفساد، وليس تعميم اتهامات تقف كسيحة وعاجزة عن التحلى بروح العدالة، وأول مبادئها أن تكون عمياء فى تطبيق القانون، وليس التخفى وراء النوازع والأهداف الشخصية، أو الرغبات المستترة فى الانتقام وتصفية الحسابات.