ما الذى أوصلنا إلى هذا الحال المزرى؟
سؤال يطرحه الجميع على الجميع وكأننا هبطنا فجأة من سفينة فضاء فهالنا ما رأينا.
نحن هنا منذ زمن بعيد، ولقد هرمنا فى هذه السنوات القليلة، حتى إننى أزعم أن من عاصروا تلك الفترة الحرجة فى عمر مصر، أصبحوا على دراية كبيرة بأسباب تلك الآفات التى تلحق بنا كل يوم، لكن ما لا يُصَدَق أن يعلن أحد دهشته مما وصلنا إليه من ترد سياسى واقتصادى وثقافى.
سأقول لك ما الذى أوصلنا إلى هذا الحال، لكن بعد أن تطالع معى هذا الخبر المنشور أمس الأول فى «اليوم السابع»
«قال عمر المنير نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة، الذى عقد، لمناقشة قانون الضريبة المضافة، بحضور وزير المالية: «إن أسعار السجاير زادت أكتر من مرة خلال السنوات الماضية بقرارات بقوانين من رئيس الجمهورية، نظراً لغياب البرلمان، أما الآن فالبرلمان هو اللى يقدر يزود أسعار السجاير مش إحنا»، وفى تعليقه على كلام نائب وزير المالية والمناقشات التى شهدتها اللجنة، قال النائب محمد عطا سليم موجهاً كلامه لعمرو الجارحى وزير المالية الذى حضر اجتماع اللجنة: «مفيش مشكلة لو خالفت القانون وسندعمك سياسياً طالما هتجيب فلوس للدولة، خالف القانون وعلى المتضرر اللجوء للقضاء».
هل لك أن تسأل الآن هذا السؤال؟
لا يحق لأحد أن يسأل عن تردى أحوال مصر، ما دام لا أحد يعرف كيف تبنى الدول حتى هؤلاء القائمين على الحفاظ على مؤسسات الدولة، نائب الشعب يمنح الحكومة الضوء الأخضر لمخالفة الدستور والقانون، وهو الذى أقسم على حماية الدستور والقانون، بما يؤكد أن «حاميها مخربيها» فنائب وزير المالية أراد بحديثه إلى النواب أن يرسى دعائم الدولة عبر الإشارة إلى أهمية أن تقوم كل مؤسسة بدورها، لكن نائب الشعب كان له رأى آخر، رأى يصرح للسلطة التنفيذية بالتوغل على السلطة التشريعية التى أكسبت هذا النائب صلاحياته وأهليته، لأن يجلس مع وزير المالية ويفتى فيما لا يعلم.
هذا الموقف يلخص أزمة مصر كلها، فقد هانت أسس بناء الدولة على الجميع، وأصبح القانون حبرا على هواء، وأصبحت مواد الدستور «زينة فى الفاترينة»، وأصبحت نخبنا السياسية مجموعة منتقاة من قاع الانحطاط.