صاح الأمير الخائر الضعيف أبوعبدالله الأحمر «الله أكبر لا إله إلا الله محمد رسول الله ولا راد لقضاء الله.. تالله لقد كتب علىّ أن أكون شقيا وأن يذهب الملك على يدى»، وصاحت الجماعة على أثره «الله أكبر ولا راد لقضاء الله»، وكرروا جميعا أنها إرادة الله، ولتكن ولا مفر من قضائه ولا مهرب.. لقد استخدموا القضاء والقدر فى تبرير خوفهم وجبنهم عن نصرة الإسلام وحالهم كحال الجبرية، الذين يقولون إننا مجبرون على المعاصى.
وعندما رأى موسى بن أبى الغسان أن محاولاته ذهبت أدراج الرياح نهض مغضبًا، ثم قال لهم مقولته الشهيرة: «لا تخدعوا أنفسكم ولا تظنوا أن النصارى سيوفون بعهدهم ولا تركنوا إلى شهامة ملكهم، إن الموت أقل ما نخشى، فأمامنا نهب مدننا وتدميرها وتدنيس مساجدنا وتخريب بيوتنا وهتك نسائنا وبناتنا، وأمامنا الجور الفاحش والتعصب الوحشى والسياط والأغلال، وأمامنا السجون والأنطاع والمحارق، هذا ما سوف نعانى من مصائب وعسف، وهذا ما سوف تراه على الأقل تلك النفوس الوضيعة التى تخشى الآن الموت الشريف أما أنا فوالله لن أراه».
وإذا بأطفال غرناطة ينشدون ذلك النشيد الذى لا يعرف من نظَمه لهم، فيصغى الناس ويستمع الفَلَك الدائر:
«لا تَبْكِ يا أُمَّاهُ، إنَّا ذاهبون إلى الجنَّة.
إنَّ أرض غرناطة لن تَضِيقَ عن لَحْدِ طفل صغيرٍ مات فى سبيل الله.
إن أزهار غرناطة لن تَمْنَعَ عِطرَها قَبْرًا لم يُمَتَّعْ صاحبُهُ بعِطْرِ الحياة.
إن ينابيعَ غرناطة لن تَحْرِمَ ماءَها ثَرَى لَحْدٍ، ما ارتَوَى صاحبُهُ من مائها.
أنتِ يا أرضُ غرناطة أُمُّنَا الثانيةُ فضُمِّينَا إلى صَدْرِكِ الدافئ الذى ضَمَّ آباءنا الشُّهَدَاء.
لا تَبْكِ يا أُمَّاهُ بلِ اضْحَكِى، واحفظى لِعَبَنَا، سيأتى إخوتنا فيلعبون بها. وغدا نواصل كشف المأساة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة