كرم جبر

حزب الرئيس!

الأحد، 14 أغسطس 2016 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تجربة الحزب الوطنى المريرة تجعلنى لا أؤيد أن يكون للرئيس حزب، فالناس فى وطنى يهرولون نحو السلطة، ويتمرغون فى تراب الميرى، وعاشت مصر تحت وهم أن هناك حزبا كبيرا، له ذراع طويلة فى القرى والأرياف والنجوع، وجذب الوجهاء والأعيان والأثرياء ورجال الأعمال، وكان يعقد مؤتمرا سنويا حاشدا، يأتيه الأعضاء من كل فج عميق، فيناقشوا البرامج والسياسات فى قصر المؤتمرات، وقيل إن عضويته الحقيقية مسددة الاشتركات اقتربت من خمسة ملايين عضو.
 
فى 25 يناير انطبق على الحزب الوطنى أشعار أحمد ناجى الرائعة  «كان صرحا من خيال فهوى»، وكأنه كان حزبا افتراضيا فى عالم من الخيال، لم ينفع رئيس الحزب الذى كان المنافقون يهتفون له 30 سنة «بالروح والدم»، وتحول إلى لعنة تطارد أعضاءها وتوصمهم بالفساد، وأخذوا الحابل بالنابل فى القوائم السوداء ومقصلة الإقصاء، رغم أن ما أشيع عن الفساد فى الحزب كان محصورا فى دائرة ضيقة، وهوت مقصلة القضاء فوق رقبة حزب السلطة، الذى أسسه السادات فى منتصف السبعينيات.
 
فى مصر يهرول الناس فرادى وجماعات نحو حزب السلطة، ظنا منهم أنهم يناسبون الحكومة، وانهار الحزب الوطن أسرع من قصور الرمال التى تجرفها الأمواج، لأنه احتكر السلطة وقوض مفهوم التعددية السياسية، ولم يسمح بظهور حزب معارض آخر، يتبادل معه الحكم إذا أرادت الجماهير التغيير، ولم يؤمن أبدا بالقاعدة التى تقول «أهم من الحزب الذى يحكم هو الحزب المرشح للحكم»، فلا تعددية بحزب واحد وحوله أحزاب كومبارس، يتم استدعاؤها أيام الانتخابات وصرفها بعدها.
 
وعليه، فإن مخاطر أن يكون للرئيس حزب.. أولا: المهرولون والمشتاقون والباحثون عن خرم إبرة للنفاذ للسلطة.. ثانيا: العودة لتعددية الحزب الواحد محتكر الولاء والوطنية والمواقع القيادية.. ثالثا: إعادة إنتاج الخطاب السياسى القديم مع الرئيس والحزب الجديد.. رابعا:  أن نعود للإشكالية العريقة «قصقصة ريش الأحزاب الواعدة أولا بأول».
 
الديمقراطية كما هى فى البلدان التى اخترعتها عمودها الفقرى هو التعددية، وأن تفرز الأحزاب رؤساء لا أن ينشئ الرؤساء أحزابا، وأقولها بملء الفم، مصر لم تصل بعد لهذه المحطة، لأسباب كثيرة أهمها أن الثوابت الوطنية، لم ترق لدى القوى السياسية إلى حد التحريم.. التحديات صعبة، وينبغى الحفاظ على كتلة الدعم الشعبى للرئيس، وأن يظل حكما عدلا بين كل الأحزاب والقوى السياسية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة