ما فعلناه بلاعب الجودو المصرى إسلام الشهابى، وما فعله هو فى مباراته مع منافسه الإسرائيلى فى دورة الألعاب الأولمبية، يستحق منا وقفة مع النفس، حتى لا نصنع معارك مزيفة، ونتوهم انتصارات نفسية تنقلب علينا شروخا وهزائم نكراء، ثم نتساءل عن أسباب هذه الهزائم وكيف السبيل لعلاجها. الحكاية باختصار، أن لاعبنا الأولمبى فى الجودو اصطدم فى التصفيات المؤدية للأدوار النهائية بلاعب إسرائيلى، وبدلا من العكوف من مدربى اللاعب والأجهزة الإدارية المعنية، بدراسة نقاط الضعف والقوة فى المنافس، والعمل على تهيئة لاعبنا نفسيا حتى يتجاوز خصمه والتأهل للنهائيات، انشغلنا جميعا بالسؤال الميتافيزيقى: هل يجوز أن نواجه منافسينا الإسرائيليين فى الأولمبياد أم لا؟
أصبح هذا الجدل الفارغ شغلنا الشاغل، بينما المنافس الإسرائيلى يستعد فى صمت، حتى إذا حانت المباراة رأينا لاعبنا متوترا متهورا مرتبكا، بينما منافسه واثقا ثابتا نفسيا، وبالفعل فاز بأخطاء لاعبنا فوزا كبيرا، وإمعانا فى هزيمتنا، اتجه اللاعب الإسرائيلى مادا يده بالسلام للاعبنا الذى يبدو أنه لم يتهيأ نفسيا، ولم يستعد لهذا الموقف فرفض برعونة مصافحة خصمه، لتواجه البعثة المصرية أزمة كبرى فى الأولمبياد بعد أن تمت إحالة لاعبنا إلى لجنة القيم الرياضية، ولتمتد الأزمة إلى وزارة الخارجية أيضا.
بعد المباراة العشوائية من جانبنا فى كل شىء اضطرت إدارة البعثة المصرية فى الأولمبياد إلى إصدار بيان توضيحى، يؤكد أن ما صدر من لاعبنا تجاه منافسه الإسرائيلى هو مجرد تصرف شخصى، وليس موقفا عاما للبعثة المصرية، وسارعت الخارجية لتبارك وتؤكد بيان البعثة، حتى تتجنب بوادر أزمة مع إسرائيل، ثم انشغل مسـؤولو البعثة واللاعب بالتصريحات الحماسية للصحف المصرية. الموضوع برمته يكشف خللا كبيرا لدينا فى إدارة الأزمات التى تواجهنا فى جميع المجالات، كما تكشف منهجنا الدائم للهروب إلى قضايا فرعية تعويضية لإرضاء أنفسنا، وإثبات أننا فعلنا الصواب والواجب، بينما الحقيقة أننا مقصرون للغاية فى حق أنفسنا، ولا نتحرك فى اتجاه المكاشفة وتغيير هذا المنهج الفاشل والاعتماد على مواجهة الأزمات بالاستعداد الجاد ودراسة كل ما يترتب عليها من تداعيات، بحيث لا ندع شيئا للمصادفة أو للظروف أو للتصرف الشخصى، وحتى لا نجد أنفسنا مضطرين للتراجع أو الاعتذار!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة