فى الفيلم العبقرى "جرى الوحوش" للمخرج على عبد الخالق غنى الفنان محمود عبد العزيز أغنية: "فصّل لى جنيه على قدى يا ترزى البنك.. أتغطى بيه يدفينى من برد الضنك...!"
والأغنية رغم السخرية الظاهرة فيها تلخص الأزمة الاقتصادية الراهنة فى مصر؛ ولا أبالغ إن قلت بل وفى العالم كله.. فالأغنية لخصت كل ما يطلبه أى مواطن بسيط من الحكومة، أى حكومة، وهو أن تلبى له احتياجاته الأساسية، وتحقق له مستوى معقولا من الرفاهية؛ وهو للأسف هدف لم تنجح أى حكومة فى تحقيقه لا فى الماضى ولا فى الحاضر ويبدو أنه ولا فى المستقبل أيضًا".
فكل الحكومات المتعاقبة، بلا استثناء لا تفكر إلا فى كيفية تحميل المواطن البسيط وزر أخطائها المتكررة؛ فالمواطن دون غيره هو الذى يسدد فاتورة تصحيح الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد دون أن تكلف الحكومة نفسها مشقة التفكير بطرق غير تقليدية لسد عجز الموازنة أو خفض عجز ميزان المدفوعات أو غير ذلك من المشاكل!
وأنا شخصيًا كمواطن كنت أتمنى أن يختلف نهج حكومة "الدكتور هشام قنديل"، خدوا بالكم حكومة هشام قنديل.. عن الحكومات السابقة لكننى للأسف أرى أن الحكومة الحالية، طبعًا أنا قصدى حكومة هشام قنديل، تطبق بالمسطرة نفس سياسات الحكومات السابقة؛ فهى تحمّل المواطن البسيط كل أخطاء الماضى؛ وتجبره على أن يسدد الفاتورة صاغرًا حتى ولو كان فى ذلك إفقاره.
هذا الكلام كتبته منذ أكثر من ثلاث سنوات وبالتحديد فى 23 يونيو من عام 2013 فى عهد حكومة هشام قنديل.. وطبعًا لا أقصد بالتذكير به أى حاجة لا سمح الله فحكومتنا الحالية عال العال.. والنبى لا نكيد العزال..!
ننتقل إلى قضية أخرى تثير جدلاً هى الأخرى بين مختلف الأوساط فى مصر وهى الاتفاق مع صندوق النقد الدولى.. وما دمنا بنتكلم عن "الأغانى الاقتصادية" فتحضرنى أغنية عبقرية كتبها ولحنها ياسر المناوهلى يقول مطلعها "صندوق النقد يا صندوقه سم فى العسل مين يدوقه" وهى فى مجملها تلخص موقف المعارضين للاتفاق مع الصندوق؛ حيث يستعرض المؤلف كل بلاوى الصندوق وموقف بعض المصريين والمسئولين الذين يعتبرونه غاية المراد من رب العباد؛ فيتحدثون عن الصندوق ومسئوليه وكأنهم ملايكة لابسين أبيض فى أبيض بأجنحة مثنى وثلاث ورباع.
وبعيدًا عن المبالغة فى أغنية المناوهلى الذى "مرمط" بالصندوق الأرض فإننى شخصيا مع الاتفاق مع الصندوق؛ طالما أنه الباب الملكى الذى سيجتاز من خلاله الاقتصاد المصرى عنق الزجاجة؛ فدون أدنى شك أن الاتفاق مع الصندوق يعطى الضوء الأخضر للاستثمارات المباشرة وغير المباشرة للتدفق على مصر؛ كما أنه بمثابة شهادة للاقتصاد المصرى يتيح له الحصول على المزيد من الدعم والتمويل من مؤسسات التمويل الدولية.. إلى آخر ذلك من المزايا التى يتيحها الاتفاق مع الصندوق.
لكن فى المقابل هناك أعباء كبيرة سيتحملها المواطن، خاصة محدود الدخل، من جراء هذا الاتفاق.. ولعل أول بشائر هذه الأعباء قانون القيمة المضافة ورفع الدعم عن الكهرباء وخفض قيمة الجنيه، وما خفى كان أعظم.!
فالاتفاق يحمل الكثير من الأمل والمعاناة فى آن واحد.
وطالما أن الاتفاق أصبح على رقبة البلاد والعباد فكل المطلوب من الحكومة أن تركز فى الفترة الحالية على تخفيف آثار الاتفاق على الطبقات الأولى بالرعاية؛ وتحقيق سبل الأمان الاجتماعى لـ"مهدودى الدخل" وأبناء الطبقة المتوسطة؛ والذين أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من أن يروحوا فى الوبا زى ما راحت هنادى يا أماى..
إننى أتمنى ذلك من الحكومة لكن للأسف ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. فـ"الحكومة" تنفذ بالمسطرة كل ما قامت به كل الحكومات السابقة.. طبعًا أنا مش قصدى الحكومة الحالية أنا قصدى حكومة الدكتور هشام قنديل..وللا حضراتكم شايفين حاجة تانية..؟!!
مرة تانية وتالتة هذا الكلام مقصود به حكومة هشام قنديل وأى تشابه فى الأحداث أو الحكومات هو من قبيل الصدفة اللى هى خير من ألف ميعاد.. لذا لزم التنويه .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة