"بكون محرجة جدا من خطيبى لما بقابله فى المطبخ"، بهذه العبارة تلخص دينا مصطفى، 22 عاما، مقيمة بحى المجزر الآلى بمدينة المنصورة، بمحافظة الدقهلية، معاناة أسرتها، المكونة من شقيقتين ووالديها، حيث تعيش مع أسرة أخرى مكونة من فتاة وشابين، فى شقة واحدة، ليكون المجموع 9 أفراد يعيشون جميعا فى شقة واحدة مساحتها 60 مترا، بالحى الشعبى، الذى يضم الطبقات الأكثر فقرا فى المنصورة.
وتعود تفاصيل القصة لوجود ميراث بين الأسرتين فى هذه الشقة، الأمر الذى استدعاهما للإقامة سويا، حيث لم تستطيع أى منهما أن تدفع نصيب الأخرى للحصول على الشقة، لتعيش الأسرتان سويا لمدة تزيد عن 35 عاما.
وتستحوذ إحدى الأسرتين على نصف الشقة، حيث يقيم الوالدان فى حجرة، بينما تنام الشقيقتان فى المطبخ، فى حين تقيم الأسرة الأخرى فى الحجرة الثانية وصالة الاستقبال، وتتشاركان فى حمام واحد.
وتعانى محافظة الدقهلية، لاسيما المنصورة، من ارتفاع كبير فى أسعار العقارات، حيث تبدأ أسعار الشقق السكنية بمحافظة الدقهلية من 300 ألف جنيه، فى أقل الأحياء السكنية من حيث المستوى الاجتماعى، وتصل أسعار بعض الشقق السكنية إلى 9 ملايين جنيه، بحسب موقعها وقربها من وسط المدينة، بسبب ضيق المدينة، وتزايد عدد السكان إلى 6 ملايين ونصف نسمة.
وكانت محافظة الدقهلية قد بدأت فى استقبال طلبات الشقق السكنية خلال الأسابيع الماضية، بمراكز بنى عبيد وتمى الأمديد والمطرية والمنزلة، وقد لاقت عزوفا من المواطنين بالمنصورة عن التقديم، لبعدها عن مدينة المنصورة عشرات الكيلو مترات، فضلا عن الطرق المتهالكة وصعوبة الوصول إليها بالمواصلات.
الأسرتان تعيشان فى شقة مساحتها 60 مترا، بمساكن الاقتصادى بحى المجزر الآلى بمدينة المنصورة، الشقة مكونة من غرفتين، كل أسرة لها غرفة، وصالة من نصيب أسرة حسين قاسم، والمطبخ من نصيب أسرة مصطفى إسماعيل، ينام فيه أولاده والطبخ يكون مشتركا فيه، والحمام أيضا مشترك.
تقول "دينا" "إحنا مش عايشين، أنا محتاجة أسأل وزير الإسكان والمسئولين، أنتم فين مننا، إحنا مقيمين فى شقة غرفتين وصالة ومطبخ وحمام، 9 أفراد، الطرف الثانى بنت عندها 26 سنة، وشاب عنده 22 سنة، لا نستقبل الزوار أبدا، مخطوبة من سنتين ونص مش عارفة أجيب جهاز الزواج ولو جبته هحطه فين".
وتتساءل "دينا" هل ترضى لبنتك يا معالى وزير الإسكان، أن تقابل بنتك خطيبها فى المطبخ، والناس بتطبخ؟، أنا بدخل الحمام، وأنا بكامل ملابسى لأن عندهم شاب، أنا عايشة فى مأساة، وللآن لم أتزوج، أنا عمرى ما استقبلت صديقة فى المنزل، هل ترضى ذلك لابنتك يا معالى وزير الإسكان، أنا بنام فى المطبخ جنب إخواتى الاتنين الشباب، المفترض أكون فى حجرة أخرى، أنا بنام بكامل ملابسى بالطرحة والعباية.
وتتابع "دينا"، "إحنا عايشين فى 3م فى 3م، ترضى لبنتك إنها تبقى نايمة خايفة لجزء من جسمها يتكشف، أنا نسيت شكل شعرى على طول لابسة الطرحة، على طول بكامل حجابى، المفروض تشعر بنا وبمعانتنا".
يقول مصطفى إسماعيل والد دعاء، "أنا عايش فى الشقة دى بقالى 35 سنة، مفيش مكان غيرها، والمشاركين لنا فى الشقة معنا منذ اليوم الأول فيها، أين نذهب؟، لا مكان لنا، ولا أموال عندى لدفع نصف ثمن الشقة للمشاركين، وأنا مريض وزوجتى مريضة، ولدى بنت مقبلة على الزواج كيف أقوم بتدبير أمور زواجها، ونفقات علاجى أنا وزوجتى، ومصاريف إخواتها التانيين؟ الحياة عذاب بمعنى عذاب".
وتابعت "دينا"، "بنام بملابس الخروج وبخاف أتكشف فى وجود أغراب فى المنزل، لم يعودوا أغراب صراحة ولكنهم مشاركون لنا فى الحياة، ولديهم شاب كبير، لابد من أن أكون منتبهة طيلة الوقت، ظروفنا حرمتنى من أن أكون بنت كبقية البنات ترتدى ملابسها الخاصة فى منزلها، وأن أعيش لحظات مزاح وسعادة مع إخوتى فى منزلنا، فدائما نضع فى بالنا أننا لسنا وحدنا فى هذه الشقة، وأن هناك شركاء لابد أن نراعى وجودهم باستمرار".
ويضيف مصطفى إسماعيل والد دعاء، "أولادى الذكور أعمارهم 18 سنة، ويوسف 10 سنين، لا يزودونى بدخل ويحتاجون من يصرف عليهم، كل حاجة فى حياتى مشتركة أتمنى بشقة وحدى أنا وزوجتى، تعبنا جدا من الحياة المشتركة، أنا معاق، أتحصل على 500 جنيه شهريا، ماذا يفيدونى الـ 500 جنيه شهريا؟، معاش التضامن الاجتماعى، ونسبة العجز فى قدمى 75% من يدى وقدمى.
وتقول "السيدة سمير"، "إحنا عايشين فى شقة مشتركة، المطبخ واحد، بنطبخ بالدور، والحمام مشترك وبندخل بالدور، كل شىء بالدور، يرضى مين أن بنت وولدين يناموا فى المطبخ، بطبخ وهم نايمين، وزوجة شريكنا تطبخ أيضا فى المطبخ أثناء نوم ولادى، ببقى محرجة جدا أما خطيب بنتى يأتى إلينا لزيارتنا ويجلس فى المطبخ أطبخ وهو موجود والأسرة الأخرى ممكن تطبخ وهو موجود حقهم، بس إحنا منقدرش نمنعهم".
وهنا يستدرك "إسماعيل" الحديث قائلا، "ذهبت لكل المحافظين الذين وردوا لمحافظة الدقهلية، لم يجبنِ أحد منهم، ولم يقم أحد بمساعدتى، ويتسلمون منى الدوسيه ويقولون لى إن شاء الله قريب قريب قريب، ولا يوجد أى تقدم، وخرجت ابنى من المدرسة عشان يساعدنى، ودخل الجيش وبحاول أطلعه من الجيش عشان يرجع يشتغل ويساعدنى فى عملى، أنا محتاج شقة مستقلة".
على بعد 10 سم، سمك الجدار الملاصق لغرفة من مصطفى إسماعيل رب أسرة الطرف الأول، تجلس الأسرة الثانية، شريكتهم فى المنزل، يحملون ذات الهم، ويعانون نفس المعاناة.
تقول "زوجة حسين قاسم، الطرف الثانى المشترك فى المنزل، ولادى ينامون فى الصالة، الطرف الأول لو أراد واحد منهم الذهاب للحمام، يخطى من فوق أبنائى، يدهس رؤوسهم بقدميه فى الظلام، من أجل أن يذهب لدورة المياه، يرضى مين هذا الحال، ابنتى تقدم شاب لخطبتها وقابلناه فى شقة خالتها، وتم الزواج ولما اكتشف زوجها أننا نعيش فى شقة مشتركة قام بتطليق ابنتى، يا رئيس مجلس الوزراء ويا وزير الإسكان، بنتى اتطلقت بسبب فقرنا أنتم فين مننا ومن معانتنا، أنتم لا ترضونه لبناتكم انظروا لنا بعين الإنسانية".
وتضيف زوجة "قاسم" أنا تعبت بحزن على أولادى نايمين على الأرض فى الصالة، شاب عنده 23 سنة، يخاف من أن يتعرف على أحد حتى لا يأتيه ليزوره، نقف فى الحمام المتهالك بالدور، وتعب لا يضاهيه تعب، إحنا نذهب لحمام المسجد أفضل من حمام البيت، أنبوبة البوتاجاز أقوم بفكها كل شوية وأضعها فى حجرة النوم، وعندى القلب والضغط والسكر، الأنبوبة كل واحد له أنبوبة خاصة به، الإيجار يتجاوز الألف جنيه فى المنصورة، وزوجى عنده 65 سنة ويعمل سائق، لا يجد قوت يومه، من أين لنا بثمن الإيجار؟.
وتوجه الزوجة استغاثة للمسئولين "إحنا مش عارفين نعيش، أغيثونا، مش عارفه أعيش نجيب منين منزل تانى، حياتنا مدمرة، مش عارفين نعيش زى الناس ما هى عايشة، فين حقوقنا على الدولة، هناخد حقنا إمتى، أغيثونا وردوا علينا، بقالى 35 عاما، كل أسبوع أذهب للشكوى، وكل يوم ييجى حد يشوف ويصور ويمشى ومفيش أى رد ولا أى فعل".
أسرتان تعيشان فى شقة 60 مترا بالدقهلية.... by youm7
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة