عندما يُقدم أى شاب على التقدم لخطبة فتاة يفكر مرة واثنين وعشرة بعد غلو وارتفاع تكاليف الزواج والمهور، فمشواره فى الحياة ملىء بالصعاب، وعند التقدم للزواج تبدأ الصعوبات والطلبات والشروط تتزايد عليه، الأمر الذى قد يسقطه مغشيا على الأرض من الصدمة.
فبعد أن ينتهى الشاب من إتمام كل شىء بعد مشوار طويل من العمل والجهد والاجتهاد ويلتقط أنفاسه إذ به يفاجأ بأهل العروسة يطالبونه بما لا يتوقعه فوالد العروسة يقول له:" يابنى إحنا بنشترى راجل"، الأمر الذى لا يتفق مع الأم والتى تلاحق زوجها وترد :"يا ابنى أنت بن أصول بس لازم فى حاجات تعملها"، فيرد الشاب المطحون: "قولى يا حاجة"، فتقول:" يا ابنى عايزين شبكة زينا زى الناس دا بنت عمها .. خطيبها جابلها شىء وشويات، فيرد:طب عايزة إيه يا أم نسمة، وتجيب:عايزة شبكة بـ40 ألف جنيه ، ومهر وقايمة وعليك الحلل والأطباق والعفش وغرفة النوم والأطفال والسفرة وقبلهم شقة ووظيفة" ، فيضع الشاب يده على خده ويقول :"طب وأنتوا عليكم إيه؟!"، فترد "حماة المستقبل":" مش كفاية هديك بنتى!!"، فيسكت الفتى عن "الكلام المباح ".
تعالت الصيحات وانتشرت حملات مقاطعة الشبكة على مواقع التواصل الاجتماعى وبدأ عدد من الأهالى ببعض القرى بالصعيد الاتفاق على الاستغناء عن الشبكة تحت مسمى "بنشترى راجل" وبدأت الحملة تنتشر فى بعض محافظات الوجه البحرى.
الصعيد ظهرت فيه "العنوسة" بسبب، تدخل العادات والتقاليد والتطورات الحياتية بشكل كبير، بالإضافة لعدم الوعى ومواكبة تطور الحياة وأصبح التمسك بالعادات والتقاليد العائلية كالفرائض الخمسة، فبعض العائلات والأسر الصعيدية لها عادات وتقاليد مجحفة وغليظة ﻻ يمكن الحياد عنها، خاصة فى الزواج.
وتجد بعض العائلات ﻻ تزوج بناتهن إﻻ لأفراد العائلة أو على الأقل أﻻ يكون من خارج القرية أو المركز ، فضلا عن مغاﻻتهم فى المهور والبعض منهم ينظر إلى الحسب والنسب قبل المال ، يأخذون بمبدأ " العزوة " فتظهر العنوسة داخل هذه العائلات لأن الآباء يفضلون الحسب والنسب والقرابة على أى شىء آخر .
من هنا كان لزاما إيجاد حل سريع لهذه المشكلة التى ظهرت كالسوس الذى ينخر فى ساق المجتمع وكان أهمها الدور الكبير للعمدة وشيخ البلد ، لاسيما أن لهما دورا كبيرا فى التأثير على عائلات الصعيد ، خاصة أن اختيار الشخصيتين لا يأتى من فراغ ، فدائما ما يأتى صاحب مشكلة ما لشيخ البلد أو العمدة ليعرضها عليه لإيجاد حل لها، فهو الأقرب له لأنهم من نفس القرية وعلى دراية كاملة بكل مشاكل الأهالى الذين يسمعون له وينصتون ويقتنعون بكلامه فى معظم الأحيان وما يقوله أو يطرحه على الطرفان لا يدخل موضع الخلاف أو الرفض، ويتم قبوله .
من هنا أرى أن حل مشكلة " العنوسة " فى الصعيد والمغالاة فى المهور يتطلب من شيخ البلد التواصل مع كبار العائلات فى جلسات متفرقة ومجمعة والاتفاق معهم على تغيير هذه العادات المجحفة المرتبطة بشروط الزواج ، خاصة عدم زواج الفتاة من شاب خارج القرية والمغالاة فى المهور ، والتأكيد على أن هذه الأمور ليست فى صالح الطرفين ، لأن الأسرة التى بها فتاة كما يقولون "على وش زواج" بها أيضا شاب يحتاج إلى أن يتزوج وليس فى مقدوره الزواج بهذه الشروط الصعبة، خاصة فى أيامنا هذه فيضطر للزواج من فتاة خارج القرية ، وهذا بدوره يتسبب فى ازدياد العنوسة بالمجتمع الصعيدى.
ولا ننسى أيضا الدور الهام والأساسى لرجال الدين والأزهر وخطباء الجمعة، فى الدعوة إلى تغيير هذه العادات بتخصيص خطب معينة ولفترات مستمرة عن هذا الأمر، فضلا عن استعانة العمد والمشايخ برجال الدين فى جلساتهم مع كبار العائلات.
تُرى لو قام العمدة وشيخ البلد بتولى هذه المبادرة وجمع كبار العائلات من حولهما بالاستعانة برجال الدين هل سينجحون جميعا فى القضاء على هذه الظاهرة التى تؤرق المجتمع الصعيدى؟ وهل شيخ البلد عند توليه هذا الأمر سيطبقه على غيره ويستثنى نفسه؟! من وجهة نظرى شيخ البلد هو الحل، بالتعاون مع كبار العائلات وإن لم نجد حلا فستبقى العنوسة ظاهرة قابلة للزيادة وحلها ينحصر فى دائرة مغلقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة