«مريم اسمك غالى عليا.. تداوينى بشفاعتك ليا.. قلبك مليان حنية»، فى منتصف الكنيسة استلمت «مريم» المرنمة، التى تحمل اسم العذراء الميكرفون ووقفت تتبادل تمجيد العذراء مع زميلها مايكل ويردد من خلفها الزوار، بعدما انتهى قداس الجمعة بالكنيسة الأثرية بمسطرد.
فى الطريق لمولد العذراء بمسطرد
أمام أعداد هائلة من الزوار تدخل وتخرج وتشعل الشموع أمام أيقونة العذراء تارة وأمام البطل مارجرجس الرومانى تارة أخرى، تواصل مريم مديحها لأمها العذراء بصوتها العذب، فتسمع صداه فى الكنيسة كلها، ويردد النسوة خلفها «السلام لك يا مريم» فى عيد يليق بالعذراء أم النور، التى وهبت من بطنها للبشرية مسيحًا.
مصر حاضرة بموالدها وثقافتها الشعبية
قبل أن تدخل كنيسة مسطرد، ستشاهد طقوس الموالد التقليدية على طريقة المصريين فى الاحتفال بالأولياء والقديسين، لا يفرقون بين شيخ طريقة أو شهيد مسيحى، ينصبون المراجيح، تتأرجح المراكب، ويلعب الأطفال، يبيعون الحمص، والحلوى حول المولد، يتندرون «طلعنا من المولد بلا حمص»، يبيتون حول الولى أو المقام يكتبون له الرسائل، ويرفعون الأكف ضراعة.
فى مولد مسطرد الأطفال يرسمون الصليب
تتكون الكنيسة من مبنى أساسى وفيه صحن الكنيسة، الذى يضم الهياكل والمغارة والبئر، وتضم الكنيسة ثلاثة هياكل، الأوسط برسم العذراء وله حامل أيقونات أثرية، ويعلوه أربع صور لأربعة ملائكة تتوسطهم العذراء، وهى تحمل الطفل يسوع، وأربع صور للإنجيليين، والهيكل القبلى برسم مارجرجس، والبحرى برسم يوحنا المعمدان، مع حامل أيقونات على كل منهما ويعلوها مجموعة من الصور تصور رحلة الآلام والقيامة من خميس العهد إلى الصعود، ويعلو الثانى صور لتلاميذ المسيح وحوارييه تتوسطهم صورة للمسيح وعلى يمينه السيدة العذراء وعلى يساره يوحنا تلميذ المسيح.
الكنيسة تأسست فى القرن الثانى عشر الميلادى، وكان من تقاليد الآباء البطاركة، أن يقيم البطريرك بها قداس يوم 21 طوبة بالتاريخ القبطى، وهو يوم وفاة السيدة العذراء، وقد ذكرت كنيسة مسطرد بالكثير من كتب التاريخ الكنسى، وكان لها مكانة عظيمة بين الكنائس القديمة على مر العصور، حتى إنها كانت تابعة للكرسى البابوى فى القدس حتى سنة 1925، وذلك وفقًا لما ذكرته مراجع تؤرخ لتاريخ الكنيسة، بل كان الكثيرون من الذين يزورون القدس يكملون زيارتهم المقدسة بزيارة هذه الكنيسة.
طفلة تبكى أثناء وخزها بإبرة دق الصليب
الزوار يشعلون الشموع ويطلبون الشفاعة
أمام أيقونة مارجرجس يصدح «عزيز» يا رومانى.. شفاعتك يا سريع الندهة، يحمل على كتفه طفلًا قال إنه يعانى من مرض فى المعدة، كلفه الشفاء منه كثيرًا وما زال الطفل فى طور العلاج، من طبيب إلى طبيب شعر عزيز بضيق ذات اليد وانسداد الأفق، فجاء للعذراء والقديسين علهم يشفعون لطفله فيبرأ من آلامه.
يقول إنه خصص نذراً للكنيسة إن شفى بطرس، تقاطعه زوجته، التى تؤمن بشفاعة العذراء وتنتظر منها الحل والفرج وتصرخ «شىء لله يا أم النور» شى لله يا عذراء».
وتخرج من باب الكنيسة، تقابل رجلًا آخر نذر توزيع صور العذراء المباركة على الزوار، يمنحك صورة للعذراء فى زيها الأزرق تفتح ذراعيها للناس حبًا ونورًا، وصورة أخرى لها تحمل مسيحها على صدرها يعد بالخلاص والفداء، وصورة ثالثة المسيح مشرعًا يديه على الصليب، تمر أمامه سيدة يمد لها يده تقبل الصورة، وتضعها على رأسها ومنها إلى جيبها وتعبر إلى الداخل.
الصليب مرسوما على الأيدى
حول البئر.. مسلمون وأقباط ينهلون الماء المبارك
فى ممر جانبى إلى جوار الكنيسة، تحوطه الكشافة الكنسية، التى ترتدى السواد، طريق صغير محاط بالحبال يمر منه العابرون إلى البئر فى طوابير محكمة، تصعد الدرج المبلل بالماء، تجد نفسك أمامه، رجال ونساء وأطفال يرغبون فى الدخول، وحول البئر متطوعون سخروا وقتهم لملء الماء لطالبى البركة فى أكياس بلاستيكية صغيرة يعطى الزائر منها فى طريقه للخروج، ومن الناحية الأخرى صنابير صغيرة يشرب منها الزوار متصلة بماء البئر العذب.
البئر مستطيل الشكل جزؤه الأسفل قديم، مبنى على الطراز البيزنطى ذو القباب ومحاط بالحوائط السميكة، والجزء العلوى تم تجديده وبناؤه أواخر القرن التاسع عشر الميلادى فى عهد البابا كيرلس الخامس وجددته الكنيسة سنة 2000 بمناسبة الاحتفال بمرور ألفى سنة على ميلاد المسيح، ويحيط بالبئر فناءان كبيران، كما أن البئر نفسه مغطى بمفرش رسم عليه لوحة للمسيح والسيدة العذراء ويوسف النجار بعد وصولهم إلى مصر، وتعم روائح البخور حوله فى كل مكان، وتشير المراجع الكنيسة إلى أن البئر لم تكن موجودة فى هذا المكان قبل زيارة المسيح، بل إن الرب يسوع استنبعها لتحل البركة هنا.
أسفل البئر مزار آخر، تنزل إليه عبر سلم أثرى صغير تشعل الشموع أمام الأيقونات القديمة المتراصة فى كل اتجاه، وتشم رائحة البخور العذبة، وتسمع زغاريد النسوة الفرحات بالزيارة، شى الله يا أم النور، ناديتنى وجيتلك يا شفيعة يا عدرا»، تخرج من بينهن المسلمة المحجبة والمسيحية التى تحمل صليبًا كبيرًا على صدرها.
طفل يصرخ أثناء دق الصليب
كارلوس يدخل المسيحية
فى مدخل مخصص للمعمودية، يقف الأب «إيليا» الكاهن المكلف بتعميد الأطفال، تأتيه أمًا شابة تحمل رضيعها «كارلوس» تخلع له ملابسه الصغيرة استعدادًا لتعميده، يقدس الكاهن ماء المعمودية بصلواته ويقول «باسم الأب والابن والروح القدس إله واحد مبارك الله الرب الضابط للكل آمين» وينتظر حضور أطفال اليوم.
يمنح الكاهن للطفل اسمًا دينيًا بديلًا عن اسمه خلال المعمودية فيسميه «كيرلس».
يقول الكاهن إيليا لـ«اليوم السابع»: نعمد الطفل الذكر بعد 40 يوما من ميلاده، والطفلة الأنثى بعد 80 يوما من مولدها، ونتأكد من أن المشرفة على التعميد هى الأم، ونواصل باقى طقوس إدخال الطفل إلى المسيحية».
العشرات يتزاحمون فى ساحة كنيسة العذراء طلبا للبركة
أطفال يرسمون الصليب ووشماً على الجلد
على صوت الصراخ والنحيب، تعبر بوابة الكنيسة إلى السرادق المقام حولها، طفلة تمد يدها، يمسك أبويها كتفها وجسمها، بينما يمد عامل إبرته فى ذراعها الصغير، ليحقن لها الصليب وشمًا، يحمر وجهها وتواصل البكاء يمتزج بصوت الآلة الحديدية تخترق جلدها الطرى، ينتهى الطقس وسط بكاء لا ينقطع.
على الناحية الأخرى، كان شاب آخر قد خلع سترته العلوية، وسلم ظهره للعامل ينقش عليه رسومًا مسيحية أخرى لقديسين.
أمامهم، فتاة محجبة تعمل فى فرش دق الصلبان وتعاون «رومانى» فى مهمة حقن الأطفال ووشم الكبار التى يعمل بها منذ عشرين عامًا على حد قوله.
ويقول القمص عبد المسيح بسيط، كاهن الكنيسة، نستقبل نصف مليون زائر فى المولد من المسلمين والمسيحيين.
الكبار أيضا يرسمون صور القديسين
فى ساحة المولد
شاب يرسم صور القديسين على ذراعه
صورة العذراء بعد اكتمال رسمها
نساء وأطفال حول بئر استحمام المسيح
فى كنيسة البئر الأقباط يشعلون الشموع
طفلة تخرج من السرداب المؤدى للبئر
الخدام والكشافة يمدون زوار الكنيسة بالماء المقدس
الخدام يوزعون أكياس الماء على الزوار
الزوار ينهلون من ماء استحمام المسيح
نصف مليون زائر يدخلون الكنيسة فى عيدها
شاب يحمل جديًا ضمن نذور الكنيسة
طفل صغير بعد تعميده بالكنيسة
شاب رسم على ظهره وشما للقديسين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة