"العرب كانوا يعرفون لمصر خطرها ومكانتها منذ البداية، فنحن لا نؤمن بأسطورة الكتاب الذى روى بعض المؤرخين أن الخليفة عمر بن الخطاب أرسله إلى قائده عمرو بن العاص، ليرجع عن فتح مصر، ولا نؤمن بأن مصر فتحت بدون رغبة الخليفة" هكذا قدم الدكتور زكى محمد حسن، الذى شغل منصب أمين دار الآثار العربية بالقاهرة سنة 1935 كتاب (فى مصر الإسلامية).
الكتاب الصادرة طبعته الجديدة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالاشتراك مع مكتبة القاهرة الكبرى، يتناول حكاية الحكام العرب مع مصر فيقول "لكن عمر بن العاص الذى كان بطل الفتح الإسلامى منذ البداية، فسلمت له بابليون والإسكندرية صلحا، ثم فتح الإسكندرية عنوة، حين قدم إليها سنة 25 هجرية أسطول بيزنطى فرحبت به وشقت عصا الطاعة على المسلمين، نقول إن عمرا هذا كان من أكبر أنصار معاوية بن أبى سفيان فى نضاله على الخلافة مع على بن أبى طالب، وأنه سار إلى مصر بجيش أخضعها لحكم معاوية فكافأه هذا على إخلاصه ودهائه بأن منحه وادى النيل طعمة له بعد عطاء الجند ونفقة الإدارة، وكان خضوع مصر لمعاوية إيذانا برجحان كفته، ثم قتل على واستتب الحكم لبنى أمية فولى مصر فى عهدهم بعد وفاة عمرو واحد واحد وعشرون واليا، حكم أحدهم البلد نحو تسعة أشهر نائبا عن ابن الزبير إلى أن سار إلى مصر مروان بن الحكم فطرده منها، ومن أخطر هؤلاء الولاة شأنا عبد العزيز بن مروان أخو الخليفة عبد الملك، وكان يحكم مصر من مقره بحلوان كأنه أمير مستقل لا يكاد يكون للخلافة أى سلطان عليه".
ويتابع الكتاب أنه عندما قويت الدعوة لبنى هاشم، وتمخضت عن سقوط بنى أمية سنة 132 هجرية كانت مصر الاقليم الذى اختاره مروان بن محمد ليعتصم به، ولكن جيشا عباسيا تبعه إليها، وقتل مروان، فتقلد الحكم فى وادى النيل صالح بن على قائد هذا الجيش وتوالى على مصر حتى سنة254 هجرية أربعة وستون حاكما".
ويرى الكتاب أن مصر كان لها فى عصر المماليك مقام ممتاز، يمتد نفوذها إلى الأقطار البعيدة، وتخطب ودها بيزنطة وغيرها من الدول الأوروبية، ولا غرو فإن نظام دولة المماليك نفسه وذهاب سنة الوراثة فى الحكم كانا كفيلين ببقاء الأصلح أو بمعنى أدق كانا كفلين بصعود الأكفاء إلى القمة.
ويحتوى الكتاب عددا من الموضوعات هى مصر الإسلامية فى العصور الوسطى كتبه إسماعيل محمد أبو العنين، والمواصلات فى مصر فى العصور الوسطى لـ"جاستون فييت" والذى كان يشغل مدير دار الآثار العربية، ونقلها للعربية محمد وهبي، وتاريخ العمارة الإسلامية بمصر، لمحمود أحمد، وعواصم مصر الإسلامية، لعبد الرحمن زكي، والجامع الأزهر لـ"يونس مهران" ووفى النهاية مصادر مهملة فى دراسة التاريخ الإسلامى لـ"زكى محمد حسن".
وفيما يتعلق بالجامع الأزهر يرى الكتاب أنه لم يكن للأزهر فى عصره الأول شيخ يتولى أمره كما هو اليوم ، بل كان يرعاه الملوك والأمراء، ويدير شئونه الحقيقية مشايخ المذاهب الأربعة ومشايخ الأروقة، وفى القرن الحادى عشر الهجرى رأى ولاة الأمور أن مكانة الجامع أصبحت تستدعى وجود رئيس يراقب أموره ويدير شئونه، ويكون "شيخ الجامع الأزهر".
أما بحث المواصلات فى مصر فى العصور الوسطى أنه "اليوم كالأمس تزدحم "المواصلات" فى ساعة معينة عند طلوع الشمس وعند غروبها بقطعان الخراف والثيران الهادئة التى يعتلى أعجازها الأطفال أحيانا والحمير السنجابية وهى تسير سيرا وئيدا غير آبهة فى خطى متزنة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة