ظهرت منذ أيام الكاتبة منى الطحاوى على القناه الفرنسية بالعربية تدعو نساء مصر والعرب إلى ثورة جنسية شاملة، وذلك فى إطار مناقشة كتابها الحجاب وغشاء البكارة، وقالت بالحرف إن الرجل المصرى لا ينظر للمرأة إلا من غطاء رأسها وما بين رجليها، وأفاضت فى شرح نظرية الثورة الجنسية الشاملة التى تدعو النساء لإطلاقها، وأنها السبيل الوحيد لتقدم المجتمعات، وهذا نفس ما ذكرته نوال السعداوى مؤخرا فى إحدى الندوات، وهاجمها البعض، بل طالب أحدهم بالقبض عليها، وأنا لست مع القبض على صاحب فكر يحتمل الحوار والنقاش، لأننا فى القرن الماضى كانت لدينا حصانة ثقافية، وكان يصدر كتاب «لماذا أنا ملحد؟» فيصدر أمامه كتاب «لماذا أنا مؤمن؟»، اليوم نمسك المسدسات ونكفر ونقضى من زاوية الحسبة على المجتمع أو عقول أفراده، وفى كل الأحوال تعالوا نرصد نماذج إيجابيه للأدب النسائى فى مصر خصوصا أننا عرفنا أدب الجنس الناعم مع بداياته فى العالم.
«جعلونى متمردة» عنوان كتاب الأديبة سونيا الحبال، وهى أحدث عنقود فى شجرة الأدب النسائى المصرى، وحسب اعترافها فى أكثر من حديث صحفى فقد حرمتها التقاليد الأسرية وأيضا قيود الزواج من إعلان وجودها كأديبة، وكانت تضطر للكتابة فى بعض الصحف باسم مستعار وأحيانا باسم رجل، وهو ما يذكرنا بتجربة الأديبة الفرنسية الشهيرة جورج صاند التى احتفلت الأوساط الثقافية الفرنسية بذكرى مرور مائتى عام على ميلادها فى يوليو الماضى، جورج صاند عرفت بداية باسم «جى صاند» ثم اشتهرت بـ«جورج صاند» وهى واحدة من أعظم وأكبر أدباء القرن التاسع عشر، وهى أول متمردة على احتكار الرجال للأدب فى أوروبا، وتعمدت أن تستعير اسم جورج ثم نشرت صورتها بعد ذلك وهى تدخن واعتبرت نشر الصورة أول مسمار للتمرد على تقاليد الإيليت والنبلاء فى فرنسا.
سونيا الحبال صاحبة «جعلونى متمردة» ليست الأولى فى باب التمرد النسوى فى ميدان الأدب، فقد سبقتها أجيال من الأديبات الكبيرات المصريات والعرب، مثلا الدكتورة لطيفة الزيات صاحبة أول رواية مكتملة تحمل خطابا نسويا بعد الحرب العالمية الثانية هى «الباب المفتوح»، التى تحولت لفيلم سينمائى، ويعدها الناقد الراحل الدكتور عبدالقادر القط أهم من كثير من روائيات غربيات مثل فرانسوا ساجان، ويعد الدكتور على الراعى لطيفة الزيات مؤسسة الكتابة النسوية وأدب السيرة للمرأة العربية، طبعًا فى الشعر هناك كثيرات مثل ملك حفنى ناصف فى مصر التى نشرت باسم مستعار فى بداية القرن العشرين، ثم ظهرت نازك الملائكة فى العراق، وفى جيل الوسط هناك غادة السمان فى الشام وحتى نصل لجيل سلوى بكر وأحلام مستغانمى، وهن جيل بدأت تلاحقه كاتبات يطلق عليهن الدكتور مدحت الجيار بأنهن صناعة الشبكة العنكبوتية، لأن الكتابة عندهن تأثرت بلغة السوشيال ميديا «فيس بوك، وتويتر، وإنستجرام» وربما هذا ما جعل الأصناف الأدبية لدى أديبات الجيل الحالى تتداخل وتتأرجح وسط الأشكال التقليدية مثل كتاب «جعلونى متمردة» للكاتبة سونيا الحبال، الذى يتماهى مع القصة القصيرة والأقصوصة، وأيضا السيرة الذاتية والفضفصة النفسية. وهكذا تمضى سونيا الحبال فى «جعلونى متمردة» فى رصد أسباب تمردها من خلال مشاهد حياتية واقعية للأنثى المصرية من الطفولة وحتى الأمومة، وفى الأخير تمنح قارئتها الأنثى بعض النصائح من نوع «لا تسمحى بتسريب مشاعرك أو تهريبها، لا تتركى نفسك لطلاق صامت، لا تدعى الحياة تسير لمجرد أنها تسير، لا تتركى حياتك لمن يستعبدها واكسرى قيودك فقد خلقنا الله أحرار ولم يخلقنا تراثا أو عقارا للرجال»، فى المجمل هناك أدب أو لا أدب ،الأول يدعو للفضيلة والحق والخير والجمال، والثانى ببساطة اسمه قلة أدب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة