محسن حسنين

فشخرة دبلوماسية..!!

الجمعة، 19 أغسطس 2016 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على الرغم من أننى لا أعرف على وجه اليقين المعنى الدقيق لكلمة "فشخرة" ولا أعتقد أن معناها ورد فى أى معجم للغة العربية؛ لكن باعتبارى خبيرا إستراتيجيا فى أمور اللغة العربية، هى جت على يعنى، فإننى أرى أن كلمة "الفشخرة" جاية من الفعل فشخر..يفشخر..فشخرة؛ و"الفشخار" هو الرجل كثير الفشخرة.. أما "الفشخرخانة" فهى المكان الذى تمارس فيه الفشخرة..!

 

ومعناها كما ورد فى معجم الست أم تيتى، الله يرحمها ويبشبش الطوبة اللى تحت راسها، هو القنزحة والتباهى والإنفاق فيما لاجدوى منه على زعيط ومعيط ونطاط الحيط، على الرغم من ضيق الأحوال ونقص الأموال..!!!

 

عموما لم أجد أفضل من كلمة "فشخرة" للتعبير عن حنفية الإنفاق ببذخ المفتوح على البهلى على كل أشكال التواجد المصرى فى الخارج سواء البعثات الدبلوماسية أو المكاتب العمالية والتجارية والتعليمية والثقافية..!

 

فحسب معلوماتى المتواضعة فإن عدد البعثات الدبلوماسية فى الخارج يصل إلى حوالى 170 بعثة ننفق عليها حوالى 3 مليارات جنيه، حسب آخر معلومات متوفرة، وهى من اكبر البعثات فى العالم ؛ ومرتب أصغر موظف فى هذه البعثات، كما أكد لى دبلوماسى مخضرم، يصل إلى عدة آلاف من الدولارات شهريا ناهيك عن قيمة تذاكر السفر ذهابا وإيابا وتكلفة نقل العفش والذى منه ونفقات العلاج والتعليم بالمدارس والجامعات إلى آخر ذلك؛ والأغرب من ذلك أن مرتبات أعضاء هذه البعثات، كما أكد لى الدبلوماسى المخضرم فى رسالة مطولة، يتم تحويلها من جنيهات إلى دولارات بسعر أقل من السعر فى مصر بكثير.. !!

 

أما الغريب والأغرب فهو أن الأجهزة التابعة لوزارة التجارة والصناعة ترسل موظفين عاديين للعمل فى مكاتبنا التجارية بالخارج دون أية معايير موضوعية للاختيار سوى الكوسة والمحسوبية؛ حتى أصبحت هذه الوظائف تورث من الآباء للأبناء.

 

أما عن بعثاتنا التعليمية والثقافية فحدث ولاحرج..فهناك من يتم إبتعاثهم للحصول على درجة الدكتوراه فى موضوعات نظرية وأدبية لسنا فى حاجة إليها وأنا شخصيا أعرف زميلا سافر على نفقة الدولة إلى كندا للحصول على درجة الدكتوراه فى الإخراج الصحفى..!

 

ولكم أن تسألوا ولماذا كندا بالذات للحصول على دكتوراه فى الإخراج الصحفى..؟! والإجابة الوحيدة التى أملكها هى: فتش عن الكوسة..!

 

وقد يعتقد المرء أن العدد الكبير من بعثاتنا فى الخارج هو إنعكاس لعلاقاتنا المتميزة جدا مع كل دول العالم ؛ لكن للأسف الواقع يؤكد غير ذلك؛ فعلاقاتنا بالعديد من دول العالم بعافية حبتين، حتى الشقيقة والصديقة منها.. ولنا فى الأزمات المتكررة، والتى لا حصر لها، مع العديد من دول العالم فى أمريكا وأوروبا وأفريقيا وآسيا أسوة.

 

لقد آن الأوان لفتح ملف تواجدنا فى الخارج وحساب مدى جدواه، والعائد منه على مختلف الأصعدة السياسية والإقتصادية والتعليمية والثقافية؛ولابد من وقفة صادقة مع النفس لنسأل أنفسنا: هل نستفيد حقا من هذا التواجد الكبير فى الخارج والذى يستنزف مئات الملايين من الدولارات التى نعانى الأمرين لتوفيرها من الاقتراض من هنا أو هناك بشروط قاسية يتحمل فاتورتها المواطن البسيط وحده مما يهدد الأمن والسلم الاجتماعى.. ؟!

 

الوقفة ضرورية لإغلاق حنفية الإنفاق السفهى ليس على تواجدنا فى الخارج فقط؛ بل فى مجالات أخرى كثيرة يجب على الحكومة أن تفتح ملفاتها فورا للقضاء على كل مظاهر "الفشخرة" إذا كانت جادة فعلا فى ترشيد الإنفاق وسد العجز المزمن فى الموازنة وفى ميزان المدفوعات.

 

أقول قولى هذا وأستغفر الله لى وللحكومة وربنا يجعل كلامنا خفيفا عليها..!










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة