الحديث عن أن صندوق النقد الدولى لا يفرض شروطا على الدولة التى تريد الاقتراض منه ليس حقيقيا، هو حديث أقرب إلى التمنيات، وتجارب الحاضر والماضى عندنا فى مصر وفى دول أخرى ترد على ذلك بكل وضوح ودون لبس.
صندوق النقد ليس جهة إحسان، وليس جهة تسليف توزع أموالها نتيجة الشهامة، وفك ضيق الآخرين، وحين نتحدث عن أنه يأتى إلينا ليعطينا ما نطلبه دون شروط منه فهذا تسطيح للأمور، وكذب على الناس يؤدى إلى تفاقم الأوضاع فيما بعد.
المعروف أن صندوق النقد لديه روشتة اقتصادية لا تخلو بالطبع من نكهة سياسية، وأى دولة تلجأ إليه للاقتراض عليها أن تتبعها، وهناك من يرفض، وهناك من يقبل، ومعنى قبولها أنك ببساطة تخضع لشروطه.
قالت وزارة المالية فى بيان لها أمس الأول، إن الحكومة ملتزمة ببرنامجها الذى حاز على ثقة مجلس النواب، وأنه لن يتم تعديله، وذلك ردا على ما قيل بأن بعثة الصندوق طرحت مطالب محددة، غير أنه فى نفس الوقت علينا أن لا نتجاهل مسألة أن البعثة الموجودة حاليا فى القاهرة طلبت ملفات الأجور والميزانية والدعم والتضخم، وبالتالى فإن مسألة اضطلاع هذه البعثة على هذه الملفات لابد أن يتلوه وجهات نظر محددة منه كجهة تمنح قروضا، كأن تقول: إن هناك تشوهات فى الأجور، وأن الدعم لا يحقق مستهدفاته، وأن معدلات التضخم غير طبيعية فى ارتفاعها، وأن الميزانية تحتوى على مبالغة فى الإنفاق على مجالات معينة فى مقابل نقص فى مجالات أخرى، وأن جدول الإصلاحات المطروح من الحكومة معدل تنفيذه بطىء، وفترته الزمنية قصيرة، وحين يقول الصندوق رأيه فى كل هذه الملفات فإنه ينطلق وكما هو معروف من معايير يتبعها وتكون معلومة لدى الحكومات التى تلجأ إليه.
حين يطرح الصندوق تصوراته فى كل ذلك فهذا حقه، وحين نرفضها فهذا حقنا، وبين الطرح والرفض لابد من أن نسمى الأشياء بمسمياتها، وأفضل الخيارات فى هذا المجال هو مصارحة المجتمع بالحقائق كاملة دون تزويق، فالصندوق لديه شروطه، ونحن لدينا شروطنا، وبين الاثنين تمضى أى مفاوضات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة