بمزيد من التفاؤل استقبلت أنباء عقد وزارة الخارجية للقاءات بين الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة وبعض السفراء المرشحين لتولى الحقائب الدبلوماسية فى مجموعة من الدول المختلفة بحضور زوجاتهم، وهو اللقاء الذى أعتقد أنه بداية لمجموعة لقاءات ثقافية بدأت بالوزير، وأتعشم أن تضم العديد من الكتاب والمثقفين لترسيخ الصورة الثقافية لمصر فى وجدان سفرائها، ومنبع تفاؤلى هو أن «الخارجية» انتبهت أخيرا إلى جدوى الثقافة فى توصيل الصورة الإيجابية لمصر إلى العالم، وأنها أصبحت تضع الثقافة ضمن أولوياتها، وأن الوعى بأهمية الثقافة كـ«سلاح» ناعم تسرب إلى هذه المؤسسة العريقة بعد أن غاب طويلا عن المشهد العام، وقد ناديت بضرورة الاهتمام بهذا الأمر فى العديد من المقالات أبرزها ذلك المقال المنشور فى 16 مايو الماضى بعنوان «الثقافة سفير مصر الدائم»، فالتحية هنا واجبة لكل من السيد الوزير سامح شكرى، والسفيرة الدكتورة هبة المراسى، مساعد وزير الخارجية ومدير معهد الدراسات للدبلوماسية التى أدارت لقاء الوزير بالسفراء.
فى المقال الذى أشرت إليه ناديت بأهمية اعتبار الثقافة كسلاح لمخاطبة العالم، وقلت إننا أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول أن نتحدث مع العالم بلغة يفهمها فنصير جزءا منه ويصير جزءا منا، والثانى أن نتحدث مع أنفسنا بلغة لا يفهمها أحد، فنصير فى عداد المخبولين المجاذيب، ولذلك اعتبرت أن وجه مصر الثقافى هو الوجه الأنصع على مدى التاريخ و«العملة» التى لا تقبل التحول أو النقصان، لأن مصر رغما عن الجميع «تشكل جزءا أساسيا من ثقافة العالم، إذ يبدو قطع جزء من أجزاء الجسد الكونى أهون من انتزاع «مصر» من الوجدان الثقافى العالمى، فلا أحد يستطيع أن ينزع مئات الأفلام التى تناولت مصر وتاريخها من وجدان العالم؟ أو ينزع قناع توت عنخ أمون من مخيلته أو أن ينتزع كليوباترا من قلبه؟ أو ينتزع رأس نفرتيتى كأروع مثال للجمال الأنثوى أو يمحو صورة طه حسين الذى كرمته فرنسا كأحد أنبغ من تعلموا بها أو ينتزع حارة نجيب محفوظ أو لوحات محمود سعيد أو صرخات جورج حنين وفؤاد كامل وجورج صباغ وعبدالهادى الجزار ومحمود مختار وآدم حنين أو عبد الهادى الوشاحى؟ أو يهمل «ألف ليلة وليلة»، أو يحذف «طبائع الاستبداد» أو يتجاهل تلك الصورة المتخيلة عن «الشرق الفنان» الذى تجلس مصر دوما على عرشه متربعة؟ فالشكر كل الشكر لوزارة الخارجية على هذه المبادرة الواعية.