تساءلت من قبل: «ماذا تغير فى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، حتى يتم الدخول معه فى مفاوضات من أجل تحقيق السلام؟
السؤال طرحته فى هذه المساحة قبل أسابيع، فى أعقاب زيارة وزير خارجيتنا سامح شكرى إلى إسرائيل واجتماعه مع نتنياهو، وأجدده الآن ولكن بصيغة: ماذا تغير فى إسرائيل حتى يتم الدخول معها فى مفاوضات سلام؟
الإجابة لا تحتاج إلى ذكر دلائل للتأكيد على أن إسرائيل كما هى فى مشروعها العنصرى الاستيطانى الذى يقوم على اقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم، وحتى يتحقق هذا الاقتلاع كاملا لابد من وضع المنطقة كلها فى حالة فوضى شاملة.
السؤال يستدعى سؤالا أهم: هل ظرفنا السياسى الحالى هو الأنسب لدخول الفلسطينيين فى مفاوضات مباشرة مع الإسرائيليين؟.
الإجابة تأتى من الداخل الفلسطينى، ومن العمق الإقليمى، ومن الظرف الدولى، وكلها تتفق على أن إسرائيل هى الرابحة، فلا الداخل الفلسطينى الممزق بين سلطة محمود عباس فى الضفة الغربية، وسلطة حماس فى غزة مؤهل ليفرض كلمته وأدواته التفاوضية، كما أن العمق الإقليمى يسير فى كل الطرق التى تمنح المكاسب لإسرائيل، فها هى الأطراف العربية تتصارع من أجل الفوز برضاها ولم يعد للقضية الفلسطينية أى وجود على أجندتها، كما أن الأطراف الفاعلة والمؤثرة فى المنطقة مشغولة بقضاياها الخاصة، ولا يمكن مثلا تصور أن هناك حلولا يمكن التوصل إليها فى القضية الفلسطينية، بينما الأزمة السورية الحالية باقية، وبدرجة ما يسرى نفس التصور على الأزمة اليمنية، كما يسرى على الأوضاع فى العراق، ويسرى على الأوضاع فى لبنان وهى أكثر الأطراف المرشحة للانفجار نتيجة فواتير الصراعات الإقليمية، ويسرى على بؤر أخرى مهددة بنزاعات طائفية كالبحرين.
وليس خافيا على أحد أن الأوضاع فى هذه الدول ترتبط بالأطراف الإقليمية الفاعلة فيها، أى بإيران والسعودية، والتفاهم والتباعد بينهما هو ما يحدد طبيعة هذه الأوضاع، بمعنى الاستمرار على حالها الآن، أو الوصول لتسوية لها، وسينعكس ذلك بالطبع على أى مفاوضات مع إسرائيل. والخلاصة، أن التعامل مع القضية الفلسطينية بمعزل عن بؤر التوتر فى المنطقة هو وهم كبير، والإصرار على التمسك بهذا الوهم سيكون خطأ قاتل تحصد منه إسرائيل كل الجوائز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة