نقلا عن العدد اليومى
تستطيع بضغطة زر عبر الإنترنت، أن تجد ما تشاء، وفرت الشبكة العنكبوتية ما يبحث عنه الجميع عبر العالم، لكن لم يكن يتخيل أحد، أن الأمر سيمتد إلى تجارة البشر، وهى المحرمة دولياً ومحلياً، فما كشفته «اليوم السابع» كان بمثابة كارثة بعد أن صُدمت بإعلانات بيع أطفال، عبر أحد المواقع الإلكترونية.
الأصل أن الكثير من الشبكات الإجرامية لبيع الأطفال والاتجار بهم لاستغلالهم فى التسول وعمليات بيع الأعضاء وغيرها من الأعمال غير المشروعة تعمل فى الخفاء، ولكن الصادم فى هذه المغامرة هو وجود موقع متكامل يفتح بوابة خاصة لبيع وشراء الأطفال والرضع، وينظم طرق عمليات البيع والشراء، والتواصل مع السماسرة المختلفين بطرق متنوعة سواء البريد الإلكترونى، أو الهاتف، أو حتى عبر الموقع نفسه.
بداية المغامرة كانت عبر موقع يحمل اسم «سوق العرب»، وهو يبدو عاديا جدا به كل أقسام التسوق المتعارف عليها كبيع السيارات المستعملة والأجهزة الإلكترونية وعقارات وشقق للبيع، وكانت الصدمة عند وجود قسم خاص لبيع «الأطفال والرضع» وبالفعل بحثت «اليوم السابع» فى الإعلانات الموجودة على صفحة بيع الأطفال ووجدنا أكثر من إعلان، ويتخفى الكثير منها تحت شعار طفل للتبنى، ولكن بجوار التبنى، ستجد أرقاما ومبالغ مادية مقابل عملية التبنى، إضافة إلى الكوارث الأخرى التى اكتشفها محرر الجريدة بالتواصل مع «سمسار» متخصص على موقع بيع الأطفال.
يحمل كل إعلان مواصفات الطفل المرغوبة كأنها سلعة متداولة ومتعارف عليها تباع وتشترى، فأحد الإعلانات طلب طفلا أو طفلين توأما للتبنى وكتب على الإعلان: «أنا سيدة من الخليج العربى وأرغب فى تبنى طفل رضيع ذكر أو توأم رضيع سواء كانا مجهولى الأبوين أو أسرة فقيرة لا تستطيع تحمل تكلفة تربية الأطفال».
وحددت هذه السيدة سعر الأطفال بمبلغ 1000 جنيه مصرى فقط وفى حالة توافر السلعة المتمثلة فى «الطفل الرضيع» يمكنك مراسلة صاحب الإعلان لإتمام الاتفاق كما يحدث فى بيع أى منتج من خلال صفحات الإنترنت.
إعلان آخر لشخص يدعى خالد، طلب طفلا رضيعا للتبنى، وكتب «إلى من يجد طفلا يتيما رضيعا غير قادر على تكاليفه مراسلتى بالإيميل» إلا أن هذا الإعلان لم يضع مبلغا ماليا محددا لشراء الطفل.
وإعلان ثالث على الموقع حتى وجدنا إعلانا لطلب طفل رضيع للتبنى ومكتوب على الإعلان «مطلوب طفل رضيع للتبنى، ولد أو بنت لأسرة قادرة على الاعتناء به».، اللافت فى الإعلان الأخير أنه بتاريخ 5 أغسطس 2016 أى أنه إعلان جديد خلال الشهر الحالى، وأن المعلن، الذى لقب نفسه بميدو ترك رقم تليفونه فى الإعلان وهو شىء لم يتوافر فى الكثير من الإعلانات، كما أن المعلن وضع مبلغا ماليا كبيرا إلى حد ما بالنسبة لباقى الإعلانات، حيث وضع مبلغ 40 ألف جنيه ثمنا للطفل، وقام المعلن بتحديث الإعلان يوم 22-8 ورفع المبلغ المالى الموجود بالإعلان إلى 50 ألف جنيه، وذلك بعد أن تم التواصل معه من قبل «اليوم السابع» والاتفاق معه على هذا المبلغ.
وتواصل محرر «اليوم السابع» مع المعلن من خلال رقم التليفون الموضح بالإعلان وبسؤاله قال، إنه يرغب فى شراء طفل حديث الولادة لأحد أقاربه العاقر لتربيته، وأخبرناه بوجود فتاة ستلد طفلا بعد فترة قريبة وتحتاج للتخلص من الطفل، نظرا لكونه طفلا لعلاقة غير شرعية ولا يستطيع الأم أو الأب الاعتراف بالطفل، وبالتالى لن يكون للطفل شهادة ميلاد، المفاجأة أنه يرغب فى شراء الطفل دون شهادة ميلاد من الأساس وتابع : «سننتظر حتى تلد السيدة الطفل ونأخذه».
حان وقت التفاوض حول سعر الطفل وتم رفع المبلغ من 40 ألف جنيه إلى 50 ألف جنيه، ووافق المشترى وصاحب الإعلان على الرقم بعد تفكير لمدة خمس دقائق فقط.
وانتهت المكالمة الأولى مع صاحب الإعلان بعد الاتفاق على الخطوط العريضة لبيع السلعة «الطفل الرضيع» والتى تمثلت فى استلام طفل حديث الولادة بدون شهادة ميلاد لعلاقة غير شرعية بسعر 50 ألف جنيه.
أعقب ذلك مكالملة هاتفية أخرى تم التأكيد خلالها على المبلغ المطلوب ثم التطرق إلى الحديث عن تكاليف عملية الولادة، فكان الرد بالإيجاب وأنه يمكنه تحمل تكاليف العملية كما أنه يمكنه توفير دكتور لإجراء العملية بعيدا عن المستشفيات التى قد تسبب مشكلة أو تبحث عن اسم الأب والأم وتسجيله رسمياً، وقد يتطلب استخراج شهادة ميلاد للطفل، وعن تكاليف العملية رد قائلا: «عادى المفروض أنت اللى تدفعها بس لو الدنيا مزنقة معاك ممكن نخلصها إحنا». وفى نهاية الحديث أوضح أن العملية القيصرية من الممكن أن تتم فى أى وقت دون حدوث أى أضرار على الطفل وستتم فى عيادة دكتور وليس مستشفى حتى لا تثار التساؤلات.
وبالسؤال عن مصير الطفل فيما بعد رد قائلا: «واحدة قريبتى مابتخلفش فعايزة تتبنى طفل بس وهاترضعه وهاتعمل كل حاجة».
وبسؤاله عن مصير الطفل وهل يمكن للأب أن يراه فيما بعد، كان الرد أنه يمكن رؤية الطفل بعد سنة أو سنتين وتابع المعلن: «أريد أن أخلصك من مشكلة كبيرة دون حدوث أى أذى لأى من الطرفين».
انتهت مغامرة «اليوم السابع» بعدما أثبتت وكشفت بؤرة وأماكن وطرق حول بيع الأطفال والاتجار بالبشر، الذين يمارسون حياتهم ونشاطهم فى معزل عن القانون وبسهولة ويسر، دون أى ملاحقة أو مساءلة.
يذكر أن التقرير السنوى لوزارة الخارجية الأمريكية عن حالة «الاتجار بالبشر» للعام 2015، كشف تقدم عدد من الدول، من بينها المملكة العربية السعودية، فى جهودها لمحاربة الظاهرة العالمية، بينما تراجعت دول أخرى، من بينها مصر.
وذكر التقرير، الذى أعلنته وزارة الخارجية فى واشنطن الاثنين، أن كلاً من كوبا وكينيا والسعودية قامت بجهود ملموسة أفضل فى مكافحة «الاتجار بالبشر»، بينما وصف الجهود المبذولة لمحاربة الظاهرة فى كل من مصر وغانا وبلغاريا بـ«الأسوأ».