جزء مهم من تقييم أعمال ونشاط سفاراتنا فى الخارج مرتبط أساساً بالأشخاص وليس بالسياسات، بمعنى أن السفارة تكون نشيطة ومتفاعلة مع مؤسسات الدولة الموجودة بها ومع الجالية المصرية أيضاً، إذا كان السفير أو القنصل نشيطاً ويؤمن برسالته المكلف بها، وفى حالات كثيرة لا نسمع أى حركة سلباً أو إيجاباً عن السفارة، والسبب أن الطاقم الدبلوماسى أغلق على نفسه الباب.
فى مصر نملك الاثنين، لدينا سفارات نشيطة وأخرى نائمة ولا حراك لها، وكأنها غير موجودة من الأساس، ولم نصل حتى الآن لأى فكر جديد يجعل كل السفارات على مستوى واحد من الكفاءة والقدرة على العمل، لذلك نسمع يومياً صرخات مصريين فى الخارج لمرورهم بمشاكل قانونية فى الدول التى يعملون بها، وتزداد الصرخة ألماً لتجاهل السفارة المصرية لهم ولمشاكلهم ومناجاتهم، ورغم الدور الذى تقوم به وزارة الخارجية عبر القطاع القنصلى، وكذلك التحركات المرنة للسفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة والمصريين فى الخارج، فإن الأمر يبقى فى حاجة لنظرة وتصور جديد لزيادة التفاعل من جانب مؤسسات الدولة مع المصريين فى الخارج، وقد طرحت الخارجية فى الماضى مقترح إنشاء هيئة لرعاية المصريين فى الخارج، تم عرضه على الحكومة قبل 25 يناير، وبعدها أكثر من مرة، لكن تسبب الخلاف حول من سيتولى احتضان الهيئة بين الخارجية والقوى العاملة فى استمرار وضع المشروع داخل الأدراج.
الأمل أن يخرج مشروع الهيئة إلى النور مرة أخرى، وأن تتنبى الحكومة هذا المشروع مع إدخال التعديلات المقترحة من جانب الوزارات والهيئات المسؤولة عن متابعة أوضاع المصريين فى الخارج، خاصة أن الهيئة توفر الغطاء القانونى المطلوب للجاليات المصرية، وهو ما نفتقده حتى الآن.
لكن لعلمى بأن الأمر سيستغرق وقتاً سيذهب جزء منه لتلطيف الأجواء بين المختلفين حول القانون، فمن الضرورى البحث عن مخرج يمكن الرجوع إليه فى القضايا والمشاكل التى يتعرض لها مصريون فى الخارج، وقد رأينا الكثير منها على مدار الأيام الماضية، ومن بينها الاعتداء على مصريين فى إيطاليا والولايات المتحدة وحرق لجثمان مصرى من جانب السلطات الألمانية دون التواصل مع السفارة المصرية.
الحل المؤقت من وجهة نظرى هو أن تحدد وزارة الخارجية مجموعة من المحامين المصريين الدوليين يمكن الاستعانة بهم بشكل سريع للدفاع عن المصريين حال تعرضهم لأزمات قانونية خارج البلاد، خاصة أن الوقائع التى حدثت لمصريين فى إيطاليا والولايات المتحدة وألمانيا والأردن، كشفت عن وجود خلل فى منظومة حماية المصريين فى الخارج ومتابعة أوضاعهم واستعادة حقوقهم، وأمام هذا الخلل كانت هناك تجارب كثيرة، منها تلك التى استعانت فيها سفاراتنا بمحامين من نفس الدول التى يواجه بها المصرى مشكلة، وللأسف الشديد لم يكتب لهذه التجارب النجاح، ومقابل هذه التجربة التى يمكن وصفها بالفاشلة، هناك حل آخر مطروح متمثل فى الاستعانة بمحامٍ مصرى دولى تكون لديه خبرات متراكمة فى القانون الدولى وأمام المحاكم الدولية فى التعامل مع تلك الأزمات بمساعدة وزارة الخارجية.
أقول ذلك لأن المحامى المصرى سيكون أحرص على حقوق المصريين من الأجانب، ولعل أبرز مثال لذلك حادث مقتل مواطن مصرى داخل السجن بألمانيا، فلولا وجود محامٍ مصرى وهو خالد أبو بكر لما حازت القضية على الاهتمام الذى تستحقه فى ألمانيا.
هذا المقترح لن يعمل بشكل منفرد، وإنما سيكون مكملاً بل مساعداً لدور السفارات التى تعانى من مشاكل كثيرة، أهمها عدم وجود بنود مالية تساعدها فى اختيار محامين أو قانونيين على درجة عالية لأن التعاقد معهم سيكلف السفارة أموالاً لا تستطيع تدبيرها، وهو الأمر الذى يمكن التغلب عليه إذا استعنا بخبراء مصريين يمكن أن يقدموا خدماتهم بدون مقابل أو على الأقل بمقابل أقل كثيراً من الذى سيتقاضاه محامون من دول أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة