كلما ضاقت بنا السبل منحنا الله إشارات تعيد إلينا الهداية بأنفسنا، وكلما تراجعت الثقة التى تؤكد أهمية مصر حدث ما يعيدها إلينا ويؤكد أننا المسؤولون عن التفريط فى هذه الثقة، فالتاريخ والحاضر يثبتان أننا باستطاعتنا أن نتخذ المكانة التى تليق بنا إذا أحسنا العمل، فقد عاد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والوفد المرافق له من دولة الشيشان بعد مشاركتهم المهمة فى مؤتمر «أهل السنة» الذى تم هناك بحضور نحو 200 عالم ومفتٍ من مختلف الدول الإسلامية والعربية، وفى هذه المشاركة الكثير من النقاط التى يمكن أن نتوقف عندها.
تبدأ أهمية المشاركة الأزهرية منذ الوصول إلى أرض الشيشان، وذلك من الاستقبال الحاشد الذى لقيه هناك الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وما يلفت الانتباه فى الأمر هو أن الاستقبال كان رسميا وشعبيا من حكومة وناس الشيشان الذين رأوا فى شيخ الأزهر علامة ورمزا لكل ما يعتقدونه، فقد وقف الناس خارج المطار بينما كان رمضان قاديروف الرئيس الشيشانى ورجال دولته يستقبلون الإمام الأكبر، كل ذلك انطلاقا من إيمانهم بأن الجامع الأزهر يمثل مرجعية أهل السنة فى العالم الإسلامى.
وهناك جانب آخر يتعلق بالرسالة التى قالها شيخ الأزهر هناك والتى ترى أن العنف لا ينتج سوى عنف أخطر منه وأشد فتكا وتدميرا، وأن المتطرفين لا ينتمون إلى أهل السنة والجماعة حتى لو ادعوا ذلك وصدروه للعالم، فهم يسعون لتدمير العالم والسيطرة عليه وتخريبه.
نستطيع أن نقول بأن كل ما حدث فى ذلك المؤتمر كان إيجابيا، لكن السؤال الذى يطرح نفسه دائما فى مثل هذه الأحداث هو: كيف يرانا العالم بهذه الطريقة الجيدة ولا نعرف كيف نستفيد نحن من هذه الرؤية معتمدين على ما يسمى الدبلوماسية الشعبية؟
وللعلم ليس الشيشان فقط، لكن معظم الدول الإسلامية تتعامل مع الأزهر الشريف بتقدير كبير، وترى أنه الأساس الذى يعتمدون عليه فى استيفاء أمور دينهم، ويهتمون بالتواصل معه وإرسال أبنائهم للتعلم فى رحابه.
شهادة الجميع للأزهر أمر إيجابى جدا تجب الاستفادة منه، لذا علينا أن نهتم بالبعثات التى تخرج من الأزهر وتذهب لتقديم العلم الدينى فى كل بلاد العالم الإسلامى، يجب إعدادهم بشكل جيد على جميع المستويات، لأن الناس تتوقع منهم صورة الإسلام وصورة وطنهم القادمين منه، كذلك على الدولة أن تمنح مساحة لهذه الدبلوماسية الشعبية التى لها تأثير كبير، فتجعل مشيخة الأزهر طرفا دائما فى التعامل مع الدول الإسلامية بما يسمح بالتقارب بشكل أكبر.