مع أصوات القطارات، ونداءات السيارات للمسافرين لكل محافظات مصر، وبالتحديد فى ميدان رمسيس الذى يحمل كل ركن فيه حكاية شاغره، الذى قصد قاهرة المعز ليقهر فقره أو بحثا عن لقمة حلال، وفيه من تاه بين تفاصيل يومية تجبره على العودة إلى قريته.
أم أحمد تتابع سير العمل على عربية الفول بميدان رمسيس
وخلف محطة القطار وبالتحديد عند مدخل حارة المقسى المؤدية لموقف سيارات الإسكندرية، يمكنك أن تتذوق طعم طبق فول ومعه باذنجان مقلى وبطاطس محمرة، والميزة هنا، أنها طازجة بيد ست "بنت بلد" تعلو وجهها ابتسامة الجود، إنها ماجدة محمد "56 عاما" أو أم أحمد كما يناديها الجميع ، أم لـ8 يتامى وجدة لـ25 حفيدا حصيلة عمرها.
عربة الفول التى جاءت بالبركة والشرف
أم أحمد تشبه كثير من سيدات مصر، مات زوجها تاركا لها إرث يكل منه الرجال، ليس ولدا أو اثنين وإنما 8 أولاد منهم 3 بنات و5 أولاد، لكنها كانت على قدر المسئولية، أصرت أن تربى أولادها على الشرف وعزة النفس أتمت مشوارها معهم بنجاح على مدار 20 عاما.
عربة الفول التى ربت رجال وزوجت 3 بنات
تروى أم أحمد حكايتها لـ"اليوم السابع": جئت من بنها العسل قليوبية، بعد وفاة زوجى ومعى 8 أطفال كبيرهم عمره 10 سنوات، لا أعرف أين أذهب ولا أملك شهادة، أو صنعة فى يدى، ركبت قطار قليوب إلى قاهرة المعز، أحمل قليل من ملابس أولادى، وكثير من هموم الحيرة والفقر جلست بمحطة القطار بعيون حائرة أراقب الجميع فالكل فى عجلة من أمره وعلى طريق، حتى جاءتنى عجوز وسألتنى،" متعرفيش حد بيبيع أكل هنا، حيث إن المحطة من 20 عاما لم يكن بها سوى كافتيريا المسافرين، والبسطاء لا يجدون مكانا يشربون فيه كوب شاى أو يأكلون ساندوتش بتعريفة، وكانت هذه البداية".
أبناء أم أحمد يفخرون بأنهم تربية أم أحمد
وأضافت أم أحمد أنها كانت يوميا تستيقظ فى الفجر بعد أن استأجرت غرفة فى منزل بشارع كلوت بيك أصبحت بعد ذلك بيتا تملكه، لتتوجه إلى محطة القطار بطبق فول جاهز وبعض البطاطس والباذنجان المقلى، لتبيع السندوتشات لعساكر الجيش المسافرين، أو بعض سائقى الميكروباص أو الأتوبيس، لتعود مسرعة لتصنع طبقا آخر وهكذا حتى تنتهى من قدرة الفول التى نامت قريبة منها حتى طابت وطلبت الآكالة.
أم أحمد تعرب عن حلمها بحج بيت الله
وتكمل أم أحمد مع الوقت بدأ طبق الفول قدرة لتأخذ مكانا وتقف فيه لتبيع "الطعمية السخنة" والبطاطس الطازجة والباذنجان، وأصبح لها ذبونا ينتظر فطار أم أحمد يوميا، حتى صنعت مع أحد أبنائها عربة صغيرة تحتمى فيها من الشمس وقت الراحة ومعها أبنائها الصبيان، لتقف وسط العمال والسائقين والمسافرين رجلا تحمى صغارها، و"تحادى" عليهم، على حد تعبيرها، حتى لا ينساقون وسط أبناء الحرام، وعلمتهم أن الرجولة اعتزاز بالنفس، وعليهم ألا يهدروا كرامتهم، ويرفضوا أى مساعدة من أى أحد ويعيشون بالكاد على حصيلة العربية التى كان مكسبها يوميا مش أقل من 50 جنيها وهذا من 10 سنوات ليصبح اليوم مكسبها، 250 جنيها.
أم أحمد تنظر للكاميرا بفخر وعزة نفس
وتشير أم أحمد إلى براميل بلاستيكية بها حنفية، لسقيا المارة كسبيل لله، أقامته أم محمد من حر مالها ومكسبها، قائلة، الميه ثواب لله، وأنا أخرج من مكسبى اليومى أجرة أولادى والصنايعية، والباقى لا أدخره وإنما أطلع منه لله على قدر المستطاع.
العمل لا يتوقف رغم حرارة الجو لأن المكتوب مفيش منه مهروب
تقف أم أحمد بالقرب من عربة الفول التى أتت بأربعة صنايعية لمساعدة ابنها، لتعرض مساعدة العجائز الذين يملأون ميدان رمسيس بجملة "أجبلك ساندوتش ياحج" أحيانا يبتسم معبرا برأسه عن رغبته فى الساندوتش وأحيانا أخرى يخبرها بأنه مازال يتبقى معه ما أعطته له منذ ساعات"، وتقول : "الجميع هنا يحبنى ويحاول أن يساعدنى، وكل ما أحلم به هو زيارة بيت الله الحرام ولكن الإيد قصيرة".
أم أحمد تقف تقلى البطاطس والباذنجان ولا تخاف اللوم لأنها تأكل بالحلال
أم أحمد تبدأ يومها مع بذوغ الفجر لتكمل مشوار حياتها
أم أحمد تتابع عملها
محطة القطار والمارة
أم أحمد خلال لقائها باليوم السابع
أم أحمد خلال عملها
اليوم السابع يعد أم أحمد بنشر حكايتها وفخره بها