هو المسلم الوحيد الذى استطاع أن يدخل لوحات تحمل آيات القرآن إلى عمق الفاتيكان، كما أنه المصرى الوحيد الذى تحتفظ ملكة إنجلترا بلوحاته داخل القصر الملكى، عشرات الجوائز وعشرات التكريمات وعشرات الترجمات لمؤلفاته فى غالبية بقاع العالم، وعشرات اللوحات الموزعة على أشهر متاحف العالم، إذ أصبح اسمه علامة بارزة على الموهبة الفذة والبحث الصادق، كما خاطبت لوحاته التى تعتمد على الخط العربى فى الأساس وجدان العالم المتدفق، فكسب بالفن ما لم نكسبه بكل الوسائل، وأضاف صورة جمالية للإنسان المسلم فى العالم الغربى الذى لا يعرف من الإسلام سوى «داعش» وأخواتها، ومع هذا لا تعرفه مصر، ولا تستفيد منه برغم حرصه الدائم على أن يكون فاعلا فى بلده.
منذ سنوات بعيدة وأنا أتابع أخباره التى تملأ جرائد العالم، إذ تتصدر أرقام مبيعات أعماله الفنية غالبية الصحف الكبرى، وما أن تدخل إحدى هذه اللوحات إلى دار مزاد عالمى حتى تتبرع على عرش «الأغلى» والأقيم والأرفع، وفى الحقيقة فقد ظننت أن هذا الفنان العالمى الكبير الذى يحرص أهم رؤساء العالم وملكوه على اقتناء أعماله الفنية أنه نسى مصر تماما أو أنه «استغرب» وترك العالم العربى بهمومه وصراعاته ليتفرغ لفنه، لكن هذا هذا الظن تبدد تماما حينما قابلته فى العام الماضى، حينما زار القاهرة زيارة خاطفة، فوجدت فيه ما لم أكن أتوقعه من رجل مضى ما يقرب من 45 عاما فى الخارج. لسان عربى مبين، ووجه يشع سكينة، وصوت خفيض مهذب يليق بعالم يدرك موضعه فى الكون ويدرك حكمة الخلق، فيه اجتمعت ألمعية الفنان، ورح الباحث الدؤوب، وعمق الصوفى المتبحر وصرامة الهندسى الحاد، فى لوحاته لغة كونية، لا تنبع من اكتشافه للقوانين الخفية للخط العربى فحسب، وإنما تنبع أيضا من مقدرته الفذة على تجسيد «روح الأكوان» بتدرجاتها وتنوعها وتأرجحها ما بين الظاهر والباطن، ولأننا فى مجتمعنا المشوه نجهل تماما قيمته الفنية «عالميا» فإننا غالبا ما نطلق عليه صفة «خطاط» مساوين بذلك الوصف بين هذا المشروع الإبداعى المتكامل الذى يمثله العالم أحمد مصطفى سواء من الناحية النظرية أو الناحية التطبيقية والخطاطين الذين يكتبون لافتات الانتخابات وواجهات محلات العصير.. نكمل غداً.