تختار الجماعات الإرهابية عنوان «غزوة حلب» تعريفا لمعاركها الدائرة فى سوريا حاليا حول ثانى أكبر وأهم المدن السورية، ويخوض الجيش العربى السورى معركته فى المدينة تحت عنوان «تحرير حلب»، أى طرد الجماعات الإرهابية من الأجزاء التى تسيطر عليها.
بين «الغزو» و«التحرير» تناقض لا يمكن سده، فمن يغزو لا يخجل من استباحة الأرض والعرض، ومن يحرر يتمسك بقيمة الأرض والعرض، وقصة الجماعات الإرهابية مع حلب فيها من العجب ما يجعلنا نتوقف أمام دلالات الأوصاف التى يطلقها كل فريق إرهابى فى سوريا على معاركه، وكذلك دلالات تغيير الأسماء كما حدث مع جبهة النصرة التى غيرت اسمها إلى «جبهة فتح الشام».
منذ أيام يفرض الجيش السورى طوقا عسكريا على الإرهابيين داخل أحياء حلب الشرقية، مما أجبر الإرهابيون على البحث عن مخرج، فأشعلوا المعارك على جبهة أخرى بعيدة، فانتقلوا إلى الجنوب والجنوب الغربى، وإذا كان ذلك من قبيل التكتيكات العسكرية المعتادة فى المواجهات بين أطراف القتال، إلا أننا أمام حالة فيها إثارة، والإثارة تأتى من كيفية شحن الإرهابيين الذين يحتشدون لمواجهة الجيش السورى، فطبقا لتسجيل مصور لـ«عبدالله المحيسنى» يقوم فيه بإلقاء خطبة على مسلحين، يركز على العمليات الانتحارية مذكرا بـ«الحوريات» اللواتى ينتظرن الشهداء فى الجنة، ووصف شكل الحريات بدقة قائلا: «لو بصقت فى البحر لأصبح حلوا»، وبعد أن يعدد هذه المحاسن اللاتى يصل إلى قمة الإغراء بقوله «72 حورية تنتظرك»، أى أن الشهيد سيكون نصيبه «72 حورية» وليست «حورية» واحدة، وبعد كل هذا الشحن يعد: «تحرير حلب بشكل كامل خلال أسبوع».
يمكننا أن نتوقف طويلا أمام ما وراء شراسة القتال الدائر حول حلب، وأمام الأهداف التى ستتحقق فى حال دحر الإرهابيين، لكن فى نفس الوقت لا يمكن تجاهل هذا الفيض من الإغراءات التى أعلنها «المحيسنى» وسيحصل عليه الإرهابى بعد أن يفجر نفسه فى مسلمين عزل، والمصيبة أن «المحيسنى» هو «القاضى الشرعى العام لجيش الفتح، وحامل رسالة دكتوراة فى الفقه المقارن، ويتحدث بوصفه مدافعا عن الدين الإسلامى، فأى «جهاد هذا؟».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة