قد لا يفهم البعض أن جزءا من المؤامرة على مصر هو المساعدة فى نشر الفساد داخل أروقة الأجهزة الحكومية، معتمدين أن الفساد سيؤدى فى النهاية إلى نشر حالة من كراهية الوضع الحالى، ولذا فإننى على يقين أن تفشى الفساد بكل الصور من الحصول على رشوة، مرورا بتدمير كل مقومات البلد هو جزء أصيل من المؤامرة الكبرى على مصر، فالعدو سواء الداخلى أو الخارجى يبدأ قبل أى حروب مباشرة فى نشر الفساد وهدم مقومات المجتمع كله، والحقيقة أن السنوات المقبلة، ستشهد مزيدا من الحرب على الفساد، خاصة فى مكاتب المحليات ومنافذ خدمة الجمهور، المملوءة بكل ما هو فاسد، وأكثر من مرة كتبت فى هذا المكان، محذرا من توغل حجم الفساد، وقلت إن سقوط بعض موظفى المحليات، بتهم الفساد لا تعنى أننا نحارب الفساد، ولا تأخذنا عناوين الصحف التى حاولت تصوير الأمر على أنه حرب على الفساد، بمجرد سقوط اثنين أو ثلاثة من موظفى المحليات، بتهم الرشوة، لأن «ما خفى كان أعظم»، وإذا كان سوء الحظ قد أوقع هؤلاء الفاسدين، فإن هناك الآلاف داخل جهاز الدولة، خاصة المحليات تعتبر ما تحصل عليه من رشاوى يومية جزءا من العمل الوظيفى، وأننا لو قمنا بعمل دراسة سرية عن حجم الفساد داخل المحليات أو إدارات الخدمات فى جهاز الشرطة مثل المرور أو مناطق استخراج البطاقات أو.. أو.. فإننا سنكتشف أن الكثير من الموظفين يخالفون ويحصلون على رشاوى، ويعتبرونها حقا مكتسبا.
هذا هو شعور أغلب من يرتشى اليوم، المفاجأة أن كل من يحصل على رشوته اليوم لا يعتبرها رشوة، بل حق مكتسب، وكأن المصلحة التى سوف يقوم بإنهائها للمواطن، يجب أن يحصل على مقابل، لأن مرتب الحكومة غير كافٍ، وهو حجة أغلب الفاسدين فى جهاز الحكومة بكل أنواعه، إذاً علينا ألا يخدعنا سقوط بعض مافيا الفساد، ويجب أيضًا ألا نظل نستخدم نظرية دعاء الوالدين فى حربنا ضد الفساد، لأن مصر الآن مهزومة بالفساد والإهمال، وكلاهما وجهان لعملة واحدة، وطريقهما واحد هو أضعاف مصر وتحويل الحالة المصرية إلى الحالة المستعصية التى لا تجد من ينقذها فيسهل تدمير البلاد بعد أن خربوا ذمم العباد وهى الخطوه الأولى لتنفيذ المؤامرة الكبرى ضد مصر.