لم ننته بعد من تزويغ السادة نواب البرلمان، ولا شبعنا من الفرجة على فنون الاشتباك البرلمانية والبرمائية داخل لجنته التشريعية، وانتقلت المباريات والملاسنات إلى البهو الفرعونى لاستكمال الهيئة المحترمة للمناقشات البرلمانية المثالية التى يفترض أن يتم تسجيلها وبثها وطرحها فى الأسواق.
هناك قضايا ومعلومات تنتظر الحسم من المجلس، منها قانون القيمة المضافة، وبناء الكنائس، وهى تشريعات مهمة، تنتظر مناقشات جادة، أكثر من مجرد الاشتباك أو الانسحاب، لأنها تحتاج إلى مناقشات يمكن للشعب أن يطلع منها على الآراء المختلفة، لأن هذه التشريعات ترتبط بمصالح الناس، وتؤثر على حياتهم، لكن ما يحدث يخرج من المناقشة إلى الاشتباك بالأيدى والحناجر، ونفس الأمر فيما يتعلق بتقرير تقصى الحقائق عن فساد صوامع القمح، وتسريبات الدعم، وهى قضية ينتظر الرأى العام أن يعرف أبعادها ونتائجها وما يمكن أن تسفر عنه.
السادة الأعضاء مشغولون عن المجلس بالتزويغ، وإذا حضروا فإنهم ينشغلون بالمكالمات للفضائيات أو الإذاعات، مع التقاط الصور لزوم الظهور المشرف للعضو. وإذا وجد العضو وقتا يمكن أن يمضيه فى جر شكل زملائه والدخول فى مباريات التجريس والتبكيت، ولأن العضو لن يقطع نفسه فلايجد وقتا لمناقشة التشريع.
وفى مواجهة التزويغ وضع السيد رئيس المجلس يديه فى الشق، وبعد أن هدد توعد سلم أمره لله وما تجود به أوقات السادة الأعضاء ممن يتفرغون لتوقيع الطلبات وفعل الأشياء. وفى مواجهة انشغال النواب بالمكالمات هدد الدكتور عبد العال بتشغيل أجهزة التشويش، ربما لأنه لا توجد فى اللائحة أى إجراءات لمواجهة التزويغ أو الدردشة ولو حتى إنذار من باب البحث عن الذات البرلمانية، حتى بعد أن اشتبك عضوان فى مشادة كلامية ويدوية انتقلت من الهيئة التشريعية إلى البهو الفرعونى، خرج الدكتور عبد العال عن هدوئه، وطالب السادة الأعضاء التزام آداب الحديث، وهو تحول يتجاوز بان كى مون وإعرابه عن القلق كواحد من أشد العقوبات تأثيرا فى سماوات العمل السياسى.
وربما يكون السادة النواب بحاجة لمن يوجه لهم لوما أكثر من العتاب، ويصرخ فيهم: حضرات السادة النواب.. العبوا مع بعض، ومع البرلمان، ولا تلعبوا على الشعب.