الأم، الزوجة الصالحة، الاستقرار، التضحية، التى أوصى بتكريمها الإسلام وأوصانا الله ببرها عندما تكون لنا أمًا، باتت تدفع ثمن التطرف والتعنت فى كل أرجاء الأرض من شرقها لغربها !
لا أعلم ما السبب الذى جعل من المرأة محور خلاف واهتمام المتشددين من هنا وهناك:
ففى دول الشرق خاصة العربية: انصبت كل العقد النفسية لدى مجموعات المتطرفين دينيًا على النساء، بداية من السلفيين إلى ما تفرع عنهم وعن إخوانهم المتأسلمين الذين خربوا المنطقة العربية وحولوها إلى أشلاء دول تحت شعار الدين ونصرته وإعلاء رايته !
والغريب أن معظم خلافات هؤلاء تمحورت حول المرأة؛ كيف تلبس وكيف تقلع وشعرها وجسدها وجهادها المسمى بجهاد النكاح، والنقاب فرض أم غير فرض، والحجاب والتبرج... إلى آخره!
كما لو كانت النساء هى شغلهم الشاغل فى الحياة، فتحولت المرأة إلى سلعة تتداولها أيادى الرجال القوامين الذين لا يعلمون عن دينهم ما يكفى، ما سلب المرأة حرية التعبير عن نفسها وتحمل مسئولية تصرفها كاملة والتى ستحاسب عليها أمام الله أولاً ثم يحاسبها المجتمع بعد ذلك!
ثم نترك دول الشرق والتطرف والتنظيمات المتشددة التى سلبت المرأة هويتها وحريتها لننطلق فى جولة إلى دول الحريات وتكريم النساء والمساواة والتقدم والثقافة فى دول الغرب لنصطدم صدمة كبرى عندما نجد هؤلاء أشد قسوة وأكثر تطرفًا!
عزيزى الغربى المتحضر: كنت يومًا أكثر المتشددين الغارقين فى بحور الخزعبلات والسحر والعوالم الخفية وسيطرة وبطش الكنيسة فى القرون الوسطى عندما كانت دول الشرق والعرب فى أوج عظمتها وتقدمها فى كل فروع العلم والمعرفة والأدب والغناء والموسيقى وقد استعنتم فى نهضتكم التى بدأت مع بداية العصر الحديث بمؤلفات واكتشافات علماء العرب، ومنها قد انطلقتم بسرعة فائقة إلى أعلى قمة التطور ونبذ الخرافات والظلمات القديمة فى حين انطلقنا نحن بنفس السرعة إلى القاع!
وكان السبب الرئيسى فيما وصلنا نحن إليه وتخلصتم أنتم منه، هو التطرف الدينى وظهور التنظيمات المتشددة والتكفيرية التى ضربت العالم العربى وبعض دول الشرق فعاقت مسيرتها ورجعت بها سنوات وسنوات !
وما يتضح الآن بالأفق أن الدائرة ستدور من جديد لتدفع بدول الغرب المستنيرة العلمانية إلى دروب التطرف القديمة، والتى ستودى بها وتقترب بها من منحنى السقوط!
فما شاهدناه مؤخرًا من تصرف لا يليق بعاصمة النور والثقافة والموضة والحرية فى حق المرأة المسلمة هو خير دليل على بدء دورة الزمن المعتادة!
لذا فقد اتخذت فرنسا بلد الحريات سبلاً من التطرف الشديد تجاه المسلمين عامة والمرأة المسلمة بشكل خاص، فصبت على المسلمات غضب نيران التطرف الدينى الذى اكتوت به مؤخراً، فقررت فجأة التخلى عن مجموعة القيم التى أسست لها مئات السنين من الحرية والديمقراطية ومنح المرأة كامل الحرية، إلى قهر المرأة المسلمة التى تعيش على أراضيها والتى من المفترض أن تتمتع بكل الحريات الممنوحة للفرنسيات فى سلوك همجى أعمى، عندما صدرت قرارات بالتحكم فى زى النساء اللائى يعشن على أراضيها ومنع المايوه الشرعى على الشواطئ الفرنسية والوحشية والتطرف المفرط فى التعامل مع هذا الأمر علنا ودون أى مراعاة لأى اعتبارات أخلاقية ولا دينية !!
ومع الأسف فقد تحملت المرأة أيضًا تبعات هذا التطرف الغربى الجديد الذى انصب عليها بكل ظلم وجبروت، كما لو كانت حواء مخلوقة لتنصب عليها وتنال من حريتها كل هذه الأفكار والتصرفات المريضة التى تصدر عن مجموعات المتطرفين من الشرق للغرب!
التطرف الذى ضرب الشرق هو نفسه الذى يضرب الغرب الآن، وكلاهما وجهان لعملة واحدة. قاتل الله المتطرفين فى كل زمن وفى كل دين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة