البروفيسور والجراح العراقى العالمى/منجد المدرس الذى يعيش فى أستراليا، وتجنس بالجنسية الأسترالية، يعد أشهر جراحى العظام والأطراف الصناعية فى أستراليا والعالم.
هذا الجراح العالمى قصته من أغرب القصص، فقد رفض فى بداية حياته تنفيذ أوامر صدام حسين بقطع آذان الجنود الذين يهربون من الخدمة أثناء حرب الخليج، ورأى أن هذه العقوبة غير قانونية وغير إنسانية، ولا يقرها شرع سماوى أو قانون أرضى، وهى من بنات أفكار حاكم اعتقد مثل كثير من الحكام أنه المتحكم فى رقاب العباد ومصائر البلاد، وأنه لا معقب لحكمه ولا راد لأمره.
وحينما شاع أمر رفض هذا الجراح الصغير، منجد، لأوامر صدام أبلغه رؤساؤه بتهديدات النظام له.
كان المنجد يعلم أن صدام لا يرحم من يخالف أمره ولا يغفر لمن يريد أن يتمرد على سلطانه، فأصابه خوف شديد وفكر فى الهروب من العراق كلها، ولكن إلى أين؟
كانت رحلة الهروب شاقة وعسيرة بدأها بأن اختبأ فى حمام المستشفى الحكومى الذى يعمل به خمس ساعات كاملة حينما شعر بطلب القبض عليه، وظل يهرب عبر الحدود من بلد إلى بلد آخر، حتى وصل إلى أستراليا فى رحلة هروب أشبه برحلات الهروب غير المشروعة التى قد تنتهى بالموت غرقًا.
لكنه وصل بسلام إلى أستراليا، حيث قبضت عليه الشرطة وهو يتسلل ليدخل أستراليا مع لاجئين آخرين، وأودعته فى معسكر اعتقال للاجئين الأجانب لمدة عشرة أشهر، ثم بعد تحقيقات وصعوبات كثيرة سمحت له بالإقامة والعمل فى أستراليا، وتدرج فى سلك الأطباء وحصل على الجنسية الأسترالية.
وكما منحته أستراليا الإقامة والجنسية، فإن المنجد منحها أيضًا شهرة عالمية فى العظام والتئام الأطراف الصناعية المصنوعة من التيتانيوم.
فقد استطاع هذا الجراح العالمى أن يحول مئات المعوقين الذين يتحركون بصعوبة إلى أشخاص يعيشون بطريقة شبه طبيعية ويتحركون بسهولة أكثر، حيث طور طرقا حديثة تجعل العظام البشرية تلتئم بسهولة ويسر مع مادة التيتانيوم فى الأطراف الصناعية.
إنها قصة كفاح جديرة بالتقدير، إنها قصة الطغيان والاستبداد والغرور الذى يصيب بعض الحكام الذين يغفلون عن ربهم وأنفسهم، وينسون قيمة شعوبهم، ويجعلون الكفاءات تهرب من أوطانها وتهجر أعشاشها، وتتسول العيش واللجوء فى الأوطان الأخرى.
إنها قصة الغرب الذى يفتح صدره لكل الكفاءات من كل الأمم، فيصبح بذلك أكثر تقدما ونموا، فأمريكا وأستراليا وكندا وبريطانيا وألمانيا مثلاً تحتضن الكفاءات من كل الأجناس والأعراق والأديان، لا تتوقف عند دين أو عرق أو لون أو جنس أو مذهب المهاجر إليها، المهم كفاءته وعلمه.
وتصهر هذه المجتمعات الغربية هؤلاء فى البوتقة الأمريكية والأسترالية أو الكندية، فترى فى الجامعة الواحدة الأمريكى والصينى واليابانى واليهودى والمصرى واللبنانى والسورى والهندى والباكستانى، كلهم يخدم أمريكا وطنه الثانى الذى فتح له صدره، ويذكر بالألم وطنه الأول الذى قلاه وطرده وأهانه.
إنها قصة متكررة، بلاد طاردة للكفاءات من أبنائها، وبلاد راغبة فى الكفاءات من كل بقاع الأرض، بلاد متخلفة وديكتاتورية استبدادية، الفساد والمحسوبية فيها للركب، وبلاد فيها الديمقراطية والحرية والمساواة والشفافية.
حتى المصرى الذى يحمل الجنسية الأمريكية يعامل فى الخليج مثلاً معاملة أرقى من نظيره الذى يحمل الجنسية المصرية فقط، جواز السفر يعبر عن هيبة الدولة وقوتها وبأسها ودفاعها عن أبنائها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة