فى يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 1999 حصل أحمد زويل على جائزة نوبل لمشروعه فى الكيمياء وفى يناير 2000 استقبلة الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت «بيل كلينتون».. وفى نفس يوم زيارة الرئيس مبارك للبيت الأبيض بواشنطن وقام بتعريف الطرفين.. وبالصدفة كنت أشارك فى التغطية الصحفية لهذه الزيارة وبعد خروجة من البيت الأبيض وقبل عودته إلى الفندق، كان اللقاء الأول مع هذا العالم الذى سرعان ما كان تواضعه وبساطة أسلوبه هو خارطة الطريق للعقل والقلب.. لكل من يلتقى به.. فعرضت عليه زيارة سريعة إلى لبنان فقال فرصة جميلة لبلد صغير معروف بالتنوع والطموح ولكن المفاجأة أن يأتى هذا العرض من صحفية مصرية..! فقلت: فى زمن الفمتوثانية كل شىء جائز يا دكتور.. وبالفعل بدأت تحركاتى واتصلت برئيس الوزراء رفيق الحريرى، رحمة الله عليه، الذى تحمس كثيرا وقال: مع أنى خارج المنصب الحكومى الآن، والدكتور سليم الحص هو رئيس الحكومة ولحود رئيس الجمهورية وعلاقاتنا معروفة أنها ليس بأفضل الأحوال، ولكن لأجل مصر والعالم المصرى سيقوم مكتبى الخاص بترتيب كل فعاليات الزيارة من وراء الستار.. وبالفعل استمر الاتصال اليومى بينى وبين بالدكتور زويل حتى عودتى للقاهرة وترتيب المواعيد مع مكتب الحريرى.. حتى وصل الدكتور زويل لمطار بيروت 20 يونيو 2000.. قادما من إيطاليا بعد الانتهاء من تقديم محاضرة هناك.. واستقبلة السفير المصرى عادل الخضرى والنائبة بهية الحريرى وبدأت فعاليات الزيارة لعدة أيام التى كانت ممتلئة باللقات والاجتماعات وكنت فيها مستشاره الإعلامى.. وأتذكر منها كيف أعطى دكتور زويل الرئيس اللبنانى أميل لحود درسا فى أسلوب لم يعجبه لتقديم الوسام الذى تركه على الطاولة بمدخل القصر، وخرج غاضبا وما كان من عصام الحيمرى، رئيس البروتوكول فى قصر بعبدا إلا أن يحضر إلينا بعدها بيوم إلى مبنى الأسكوا ليقدم الوسام والاعتذار.. وأتذكر أيضا أنه كيف كان الحماس الذى تملك رفيق الحريرى ليتفق مع الدكتور زويل بإنشاء مركز تعلمى متخصص يختار فية بامتحان القدرات الطلبة المتميزين فى كل مجلات العلوم، ويكون جامعا للعقول بين كل البلاد العربية ومجلس إدارته يتكون من عدد الحاصلين على نوبل يتكفل بالدعم والمصاريف من حسابه الخاص، رفيق الحريرى، وعلى الحكومات من كل دولة تدفع لطلابها المتفوقين، إلا الطلبة من مصر أو لبنان فهم على نفقة رفيق الحريرى الشخصية أيضا.. للأسف مع الوقت عرقل هذا المشروع ولم يمهل القدر رفيق الحريرى ليحقق حلمة فقد وجد الصد من جهات عديدة ومطالبات معقدة ولاغية للمشروع.. المهم إنه فى النهاية قد تم اغتيال الحريرى وقتلت معة العديد من المشروعات والمخططات.. وفتحت بعدها بنفس الفكرة تقريبا، ومع اختلاف الأسلوب والمضمون مع دكتور زويل فى قطر مركز آخر. برعاية الشيخة موزة؟!. وطبعا لم يجد نفس النجاح.
كما أتذكر خلال هذه الزيارة إلى لبنان كيف كانت الجلسة ودية مع رئيس البرلمان نبية برى لدرجة أن السفير عادل الخضرى قال من باب المزاح المغلف بالجدية لنبية برى ربما يعود هذا التوافق بينكما من اللقاء الأول واللحظات الأولى، لأن دكتور زويل زوجته سورية؟! وهنا ضحك برى لأنة أدرك أن السفير المصرى يلمح لعلاقة السياسية والتحالف والولاء بين نبية برى والنظام السورى.. ولكن نبية برى رد على هذا التلميح بذكاء أكبر والتفت وقال للدكتور زويل: الآن فقط عرفت من أين أتيت بكل العبقرية والذكاء طبعا من زوجتك السورية!! وضحكنا جميعا على سرعة البديهة، والتوجيه السياسى المبطن.. وأتذكر أيضا بلقائة فى جريدة السفير الذى أذهل فية الجميع من بساطة الأسلوب والشرح لاختراعه الجديد.
وأتذكر عدد الدعوات السياحية التى كان يصعب الاعتذار عنها التى كنت أشاركه فيها من زيارة أول مطبعة للأبجدية فى التاريخ فى أعلى الجبال اللبنانية، لزيارة لآخر الحدود اللبنانية قبل الخط الأزرق فى الجنوب.
وكيف كان إعجابة بالترحيب والإعلام والاستقبال والإصرار على الدعوات اليومية للموسيقى الصاخبة لعدد من الأمسيات مما جعله يقول لهم: يا جماعة أنا عالم وليس بعالمة!!
فلا نملك قدرة التواصل بين السمر والسهر.. والعلم بالطقوس والجلوس فى المعمل بين التجارب والنسب والأرقام.. وضحك الجميع.. الحقيقة أن هذه الرحلة حملت تفاصيل لأول صحفية التقى بها بعد تكريمة فى البيت الأبيض.. وتظل ذكريات وخبرة لتفاصيل كثيرة لشخصية علمية قد تتفق معه فى الماضى أو تختلف معه فى بعض مواقفة فى الحاضر ولكنه عالم مصرى جليل هو الآن فى لقاء رب كريم، رحمة الله عليه، دكتور عظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة