نعم بعد أن تفرغ آباء الكنائس الإسبانية فى ذبح المسلمين والعرب باسم محاكم التفتيش بدأوا فى الإعداد لمذابح لا تقل بشاعة للمسحيين الذين يستخدمون العقل فى التفكير، فقد كان جر أى إنسان إلى محاكم التفتيش عملية سهلة، وقد يقوم الاتهام لمجرد إشاعة، أو يذهب الإنسان بنفسه ليعترف رعباً، أو دليلاً على حسن نيته، بلفظ تفوه به عرضاً ودون أن يعنى له شيئاً، ويخشى أن يكون قد سمعه أحد، وفتح الباب على مصراعيه أمام الضغائن الشخصية الذى يطمع بزوجة جاره، والمالك الذى يريد أن يهرب من أجر عامله، والتاجر الذى يخشى من منافسة زميل له، حتى الأطفال فى أثناء لعبهم مع بعضهم بعضاً كانوا معرضين للاتهام، كأن يذهب طفل ويشى بطفل آخر متهماً إيّاه أنه قال كذا وكذا فى أثناء اللعب، فيلقى القبض على الطفل المتهم ويحاكم، وغالباً يموت لأنه لا يتحمل أهوال التحقيق والتعذيب والسجن.
وهكذا صار الطريق واسعاً وعريضاً لكل من يريد أن يتخلص من أى إنسان، وأى تهمة صالحة لأن تدفع بمسلم سابق إلى أعماق السجون سواء كان هذا المسلم السابق رجلاً أو طفلاً أو شيخاً مسنًّا.
ومن الإنصاف أن نذكر أن ضحايا التفتيش لم يكونوا فقط من المسلمين السابقين، بل كانوا من المسيحيين أيضاً، فقد انتهجت الكنيسة السلوك الإرهابى عينه تجاه المسيحيين عن طريق محاكم التفتيش التى أوكلت إليها مهمة فرض آرائها على الناس باسم الدين والبطش بجميع من يتجرأ على المعارضة والانتقاد.
فنصبت المزيد من المشانق وأعدمت الكثيرين من المسيحيين عن طريق حرقهم بالنار، حيث يقدر عدد الضحايا المسيحيين ممن جرت عملية إعدامهم من قبل محاكم التفتيش «300.000»، أُحرق منهم «32.000» أحياء، وقد كان من بينهم العالم الطبيعى المعروف برونو الذى نقمت عليه الكنيسة نتيجة آرائه المتشددة التى منها قوله بتعدد العوالم، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالعالم الطبيعى الشهير جاليليو الذى نفذ به القتل، لأنه كان يعتقد بدوران الأرض حول الشمس. وإلى الغد نواصل كشف المستور فى محاكم التفتيش.