فى يوم 11 يناير عام 2011 أى قبل اندلاع ثورة يناير بأيام كتبت ونشرت مقالا فى ذات الجريدة، جريدة «اليوم السابع»، عنوانه «أنا بحب شيخ الأزهر»، وكانت مصر آنذاك قد عانت من أحداث طائفية فذهب شيخ الأزهر ليعزى فى قتلى المسيحيين فهاجمه بعض من الشباب المسيحى الغاضب.
وتم استضافة الشيخ فى أحد البرامج المسائية الشهيرة، فكتبت بالحرف أقول: «جلست ويدى على قلبى خوفاً مما سيقوله رجل الأزهر.. فهل سيقول كلاماً كأغانينا التى تفقد معناها فى هذا الظرف أم سيزيد الأمر سوءاً.. فإذا بى أجدنى أمام رجل حكيم تحمل كلماته صفة الدين الحق، رجل يقول إن بناء جامع أمام كنيسة يؤذى أصحابها فلا يجب أن يفعل أحد ذلك، رأيت وسمعت رجلاً وإماماً يقول بكلمات الله وكتابه إن من واجب المسلم أن يحافظ على الكنيسة والمعبد لأنها بيوت يُذكر فيها اسم الله، رأيت وسمعت إماماً يقول إن الشباب المصرى الغاضب الذى وجه له الإهانة محق فى حزنه، وإنهم فى مكانة أبنائه فلا عتب عليهم، رأيت وسمعت شيخاً يستنكر أن يُحرم المسيحى من بناء كنيسة.
وفى نفق مظلم دامس بدا لى الإمام الجليل كطاقة نور علنا نهتدى بها ويهتدى بها أكثر الشيوخ الذين يتكلمون باسم الله، وما هم منه وما هو منهم.. أيها الإمام أنا أحبك لأنك جدير بأن تحبك مواطنة مصرية تحب بلدها وتخاف عليها ولا حيلة لها إلا أن يكون كل الشيوخ على شاكلتك لننقذ مصر من طائفية مقيتة».
وانتهى مقالى الذى سطرته منذ ست سنوات إلا قليلا من الشهور، والآن اسأل نفسى حين أراجع ما كتبت: هل أستطيع اليوم أن أكتب نفس المقال بنفس المعنى ونفس العنوان؟
ورغم تغير المشهد والزمان والحدث فمازال شيخ الأزهر والإمام الأكبر فى منصبه، ولكن لا شىء مما تمنى ونادى به تحقق، فالمساجد مازالت تُبنى فى مواجهة الكنائس، ومازال المسيحى لا يستطيع أن يبنى كنيسة جديدة، ومازال البعض بل كثيرون ممن تحت رئاستك، لا يرون أن من واجب المسلم الحق أن يحافظ على الكنيسة والمعبد، كل هذا مازال يدور على الأرض بل زادت دعوات الحسبة والأزهر الذى يترأسه الإمام الأكبر ليس فقط مشاهداً بل طرفاً فيها.
ومازالت المادة 98 من قانون العقوبات التى ابتدعها السادات ورجال قانونه لمواجهة التطرف وحماية الدين المسيحى من السخرية والهجوم والتطاول بعد أحداث منطقة الزاوية الحمراء منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، ولكنها صارت مادة تطارد مسلمين متهمين بازدراء الدين الإسلامى ولا تطارد أحداً متهماً بازدراء الدين المسيحى.
يا أيها الإمام الأكبر رغم كل جمال وسماحة وصدق وحق كل ما صرحت به كقناعة شخصية فى لقاء معك عام 2011، دفعنى لأن أعلن على الملأ أنى أحبك، رغم كل شىء، لا شىء تغير.
فلا فتن وئدت، ولا وضع المسيحى الحر فى دينه ولا المسلم الحر المختلف تغير، مازالت صور القسيس مع الشيخ وقبلاتهم أقصى ما نحلم به وهى صورة زائفة يا إمامنا.
أعرف أنك لست مسؤولاً عن كل الصور البغيضة للتطرف والجهالة ولكنك مسؤول عن استمرارها جزئياً، يا أيها الشيخ الجليل لو أنك تسترجع خطبتك فى أوروبا وتصر على تنفيذها كخارطة طريق للخروج من الظلام أعتقد أنك ستأخذ بجزء من يدنا لنخرج من ظلام دامس لنور الدين الإسلامى الرحب الذى نزل رحمة للعالمين وليس للمسلمين فحسب.
أيها الإمام الأكبر الجليل أرجو أن تدفعنى فعلا لا قولاً، أن أعيد نشر مقالاً لى نشرته منذ ست سنوات وكان عنوانه أنا أحب شيخ الأزهر، أما وإن لم تفعل سيظل مقالى بدون عنوان.