وائل السمرى

هدم يهدم.. فهذا هو حالنا

السبت، 06 أغسطس 2016 11:33 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أتعجب من تلك الضجة التى صاحبت موت العالم الفذ أحمد زويل الذى ما أن شاع خبر وفاته حتى انقسم المصريون بين من يسفهون من إنجازه تحت ادعاء أنه «لم يفد مصر» ومن يكيلون السباب لكل من لا يقدس سيرته، فتلك الضجة أصبحت معتادة، وتلك العقلية البائسة فى التفكير باتت إحدى مكونات العقل المصرى الذى أصبح عديم الثقة فى أى شىء، يميل للعنف فى أى موقف، غير مؤمن بشىء ولا مستفيد من شىء، وعلى هذا نظل ونبقى، وبسبب هذا نمكث فى أماكننا لا نفارقها، بينما العالم يتقدم من حولنا.
 
المحزن أن هذه الضجة أثبتت أننا لم نقف فى أماكننا فحسب وإنما تنازلنا عن ثقافة المسالمة التى كانت تميزنا سابقا، فقد تنازلنا عن ثقافة «اذكروا محاسن موتاكم» فى مقابل إعلاء ثقافة «انبشوا قبور موتاكم» وتنازلنا عن الاحتفاء بالنجاح، فى مقابل الاحتفاظ بثقافة التسفيه النكران، غير مدركين أنه حتى لو لم يفعل أحمد زويل شيئا كبيرا لمصر، فقد فعل شيئا كبيرا لنفسه وللبشرية، وغير مدركين أيضا أن مصر لن تبرح مكانها حتى يفعل كل واحد منا شئيا «لنفسه» فالمجتمع الناجح يتكون من بضعة ناجحين، والمجتمع الفاشل، يتكون من أناس يشبهوننا تماما.
 
برغم هذا فإننى غير يائس تماما من إمكانية تقدم المجتمع المصرى ونجاحه فى التخلص من هذه العادات القاتلة، فمجتمعنا الآن يمر بمرحلة تشبه مرحلة المراهقة التى تسبق الشباب والنضوج، ومن سمات المراهق أن يتطرف فى كل آرائه، وأن يتمادى فى التظاهر بما يعتقد، فهو لا يرى سوى الأبيض أو الأسود، ولا يؤمن بأنصاف الحلول، ولا يعترف بأن إمكانيات الإنسان محدودة، وأن ضعفه يغلبه فى كثير من الأحيان، لذلك لا يرى العالم إلا فى صورة الملاك أو فى صورة الشيطان، وغاية أملى أن ندرك قبل فوات الأوان أن الخطر الحقيقى يكمن فى عدم إدراكنا بهذه الروح المراهقة، فنظل فيها مقيدين، وأن نظل على هذه الحالة المريضة من هدم كل نجاح وتسفيه كل إنجاز فنظل بالخيبة محاصرين.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة