لا تترك المحبة المتحققة بين مصر والإمارات العربية المتحدة مجالا لكلمات عابرة، فصورة المحبة الظاهرة خير من ألف صفحة محبَّرة، والأعمال المشتركة ما بين البلدين خير مثال على معنى التكامل الحقيقى، لكنه تكامل لا تحدوه الأطماع المغرضة ولا المصالحة الوقتية، وإنما تحدوه روح جامحة من التآلف الدافئ، والتقابل المتناغم، والتعاون الدائم على البر والتقوى والعمل والاجتهاد والثقافة والحرب والحرية والتآخى.
هذه هى الصورة العامة لكل شىء يربط مصر بالإمارات العربية المتحدة، وفى تفاصيل الصورة تقف إمارة الشارقة وحاكمها الشيخ سلطان القاسمى موقف القلب النابض بحماسة الحب من الجسد الرابط بين قارتى آسيا وأفريقيا، وفى الحقيقة فإن للشارقة وحاكمها منزلة خاصة فى قلوب المصريين عامة والمثقفين خاصة، ذلك لأن الشيخ «سلطان القاسمى» الذى سميته فى مقال سابق «سلطان العاشقين» لا يتورع أبدا عن إعلان انتمائه للقيمة الجمالية التى تمثلها مصر، وفى الحقيقة أيضا فإننى أشعر بهذا الرجل وكأنه مشطور ما بين بلدين، فقد مسته الروح المصرية حينما عاش فى القاهرة فأسرته، وبحكم التكوين فهو إماراتى الهوى والهوية، ولهذا أشعر أنه يعانى دوما من غربتين، فإن حل فى مصر نازعه الحنين إلى الإمارات، وإذا وصل إلى الإمارات جذبه الحنين إلى مصر.
من أجل هذا كله سعدت كثيرا حينما وقعت مصر، ممثلة فى وزارة الثقافة، اتفاقية مع مؤسسة الشارقة للفنون لإقامة معرض عالمى يطوف فى العديد من عواصم العالم وأوربا، بالإضافة طبعًا إلى مصر والشارقة لفنانى السريالية المصرية، وكانت سعادتى مضاعفة حينما حضرت مراسم هذا التوقيع بنفسى لألتقى بالشيخة «حور القاسمى» ابنه «سلطان العاشقين»، وهو اللقاء الذى ترك فى نفسى انطباعًا مشرقًا مطمئنًّا من ناحيتين، أولا على مستقبل الشارقة التى تتسلح بعلوم أبنائها واتساع إدراكهم ورحابة روحهم، وثانيا على مستقبل العلاقات بين مصر والشارقة التى تجد لها فى جيل الأبناء خير فرع لخير جذر لأبهى شجرة، فقد قطعت الشيخة «حور القاسمى» رحلة طويلة على مدى أكثر من عامين متبحرة فى النظر إلى مدارس الفن المصرى ومتجولة بناظريها فى متاحفها وقصورها وشوارعها ومحافظاتها، وكما يقول ابن حزم فإن أول الحب إدمان النظر.