ماذا كتب رئيس بعثة صندوق النقد عن الوضع الاقتصادى فى مصر.. دعم الوقود يفيد الشرائح السكانية الغنية.. من الضرورى إلغاء اللوائح والروتين غير الكفء.. جارفيس: وجود سعر صرف أكثر مرونة يجذب الاستثمار

الإثنين، 08 أغسطس 2016 04:58 م
ماذا كتب رئيس بعثة صندوق النقد عن الوضع الاقتصادى فى مصر.. دعم الوقود يفيد الشرائح السكانية الغنية.. من الضرورى إلغاء اللوائح والروتين غير الكفء.. جارفيس: وجود سعر صرف أكثر مرونة يجذب الاستثمار كريس جارفيس
كتب: محمد البديوى – حسن رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- دعم الوقود يفيد الشرائح السكانية الغنية أكثر مما يفيد الفقراء

 

- السلطات المصرية تدرك تماما أن الإصلاحات الهيكلية ضرورة ملحة

 

- الحكومة المصرية بدأت فى علاج التشوهات

 

يشغل كريس جارفيس منصب مستشار صندوق النقد لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ويترأس بعثة الصندوق إلى مصر منذ 3 سنوات، ويتواجد حاليا فى مصر التى تسعى لاقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد، حيث يقود المفاوضات مع مصر.

 

فى فبراير من العام الماضى 2015، نشر كريس جارفيس على موقع منتدى صندوق النقد الدولى مقالا بعنوان "كيفية الجمع بين الاستقرار الاقتصادى ورفع مستويات المعيشة فى مصر"، ورغم مرور عام وبضعة أشهر على مقال جارفيس، حول الوضع الاقتصادى فى مصر، بما صاحب هذه الفترة من تغيرات، إلا أن هذه المقالة تحمل رؤية وقناعات "جارفيس"، حول الأوضاع فى مصر، ويمكن من خلالها قراءة أهم الأفكار التى يقود بها المفاوضات مع مصر التى تسعى للحصول على أكبر قرض من صندوق النقد الدولى فى تاريخها.

 

جارفيس يرى أن مصر فى حاجة ماسة للاستقرار الاقتصادى، بتخفيض عجز الموازنة والدين العام والتضخم، وتكوين قدر كاف من احتياطيات النقد الأجنبى، وفى نفس الوقت فى حاجة لتحسين مستويات المعيشة عن طريق زيادة فرص العمل وتخفيض معدلات الفقر وتحسين النظامين الصحى والتعليمى.

 

وأشار جارفيس إلى أن دعم الوقود يفيد الشرائح السكانية الغنية أكثر مما يفيد الفقراء، وأنه يشجع الصناعات كثيفة الاستخدام لرأس المال، رغم احتياج مصر لمزيد من الصناعات كثيفة العمالة.

 

كيف يرى "جارفيس" آلية علاج التشوهات فى الاقتصاد المصرى

 

أكد جارفيس أنه يمكن علاج تشوهات الموازنة المصرية من خلال إصلاح الدعم، وأن هذا جزء من سياسات اقتصادية بدأت الحكومة تنفيذها فى العام الماضى، مضيفا أن هذا سيتيح المجال لزيادة التحويلات الموجهة للفئات محدودة الدخل، وزيادة الموارد لتحسين مستويات معيشة الفقراء، والاستثمار فى الطرق والمدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء، وقال "جارفيس"، "إن هذا هو بالفعل محور جدول أعمال السلطات المصرية".

 

وقال جارفيس فى مقاله: "سيكون من المهم اتخاذ إجراءات هيكلية لتحسين مناخ الأعمال الذى يمكن أن يجعل مصر أكثر جذبا للمستثمرين. فعلى سبيل المثال، تشير دراسات البنك الدولى إلى أن الحصول على تصريح بالبناء يستغرق 218 يوما فى مصر"، مضيفا أنهم وجدوا فى صندوق النقد أن السلطات المصرية تدرك تماما أن الإصلاحات الهيكلية ضرورة ملحة.

 

وأكد أنه إذا تمت عملية إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام بكفاءة، بحيث يزداد التركيز على الصحة والتعليم حسب نص الدستور، يمكن المساعدة فى تحقيق نمو أعلى وأكثر احتواء لمختلف شرائح السكان على المدى الأطول، مع الحفاظ على استقرار أوضاع المالية العامة.

 

وإلى نص مقال كريس جارفيس

 

تواجه مصر حالياً ما قد يبدو أنه أهداف اقتصادية متعارضة. فمن ناحية، هناك حاجة ماسة لاستعادة الاستقرار الاقتصادى – بتخفيض عجز الموازنة والدين العام والتضخم، وتكوين قدر كافٍ من احتياطيات النقد الأجنبي. وفى نفس الوقت، لا تزال الحاجة إلى تحسين مستويات المعيشة قائمة منذ وقت طويل – عن طريق زيادة فرص العمل، وتخفيض معدلات الفقر، وتحسين النظامين الصحى والتعليمى – وهى من أهم الأسباب التى نزل من أجلها المصريون إلى الشوارع فى عام 2011.

 

وقد يظن البعض أن الهدفين لا يجتمعان – أى أن الإجراءات اللازمة لتخفيض عجز الموازنة والحسابات الخارجية ستؤثر بالضرورة على الوظائف والنمو. ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح. فهناك سياسات تؤدى إلى تحسين موقف مصر المالى لكنها يمكن أن تساعد فى ذات الوقت على رفع مستويات المعيشة.

 

بداية صعبة

 

كانت الدعوة إلى مزيد من العدالة فى إتاحة الفرص الاقتصادية، وخاصة فرص العمل، من أهم أسباب ثورة يناير 2011. غير أن سنوات التحول السياسى الأربع الماضية أثرت على الاقتصاد. ونتيجة لذلك، تُرِكَت المشكلات الاقتصادية المزمنة دون علاج وأصبحت المشكلات الجديدة أكثر حدة.

 

فقد ارتفع عجز المالية العامة الكلى من 9.8% من إجمالى الناتج المحلى فى السنة المالية 2010/2011 إلى 13.8% فى السنة المالية 2013/2014. ونتيجة لذلك، ارتفع دين الحكومة العامة – المحلى والخارجى – من 76.6% من إجمالى الناتج المحلى إلى 90.5% فى نفس الفترة. وتشير بيانات السنة المالية 2013/2014 إلى عدم كفاية الاحتياطيات فى البنك المركزى لتغطية ثلاثة أشهر من الواردات، بينما بلغ معدل التضخم المتوسط 10%.

 

أما النمو الاقتصادى، الذى بلغ 2.2% فى 2013/2014، فقد ظل دون المستوى الكافى لتحسين المؤشرات الاجتماعية-الاقتصادية الأساسية. وبلغت البطالة الذروة بمعدل 13.4%، مع تركز أعلى مستوياتها فى فئتى الشباب والمرأة. وزاد الفقر مسجلا 26.3% فى العام الأسبق، مع وجود ما يقدر بنسبة 20% أخرى من السكان فى مستوى قريب من خط الفقر.

 

وتجدر الإشارة إلى أن النمو المنخفض والبطالة المرتفعة والفقر فى مصر تتزامن كلها مع جوانب ضعف تشوب هيكل الاقتصاد ويرجع معظمها إلى ما قبل عام 2011.

 

وينبع ذلك فى الأساس من عدم كفاءة نظم الدعم، والقواعد التنظيمية المرهقة التى تؤثر على مناخ الأعمال، ورأس المال البشرى المنخفض، والبنية التحتية الضعيفة، والفرص المحدودة للحصول على التمويل، وضعف القدرة على المنافسة الخارجية.

 

سياسات رفع النمو وتخفيض العجز: إصلاح الدعم ومرونة سعر الصرف

 

خلال السنة المالية 2013/2014، أنفقت مصر أكثر من 6% من إجمالى ناتجها المحلى على دعم الوقود – وهو ما يتجاوز حجم إنفاقها على الصحة أو التعليم. ومن المفارقات فى هذا الخصوص أن دعم الوقود غالباً ما يفيد الشرائح السكانية الغنية – كأصحاب السيارات كثيفة الاستهلاك للوقود – أكثر مما يفيد الفقراء الذين يحتاجون إلى حماية اجتماعية أكبر ونظم صحية وتعليمية أفضل.

 

ويُلاحظ أيضاً أن دعم الوقود يعمل على تشجيع الصناعات الصناعات كثيفة الاستخدام لرأس المال، بينما تحتاج مصر إلى مزيد من الصناعات كثيفة العمالة من أجل تخفيض البطالة، وبالإضافة إلى ذلك، فهو يساهم فى عجز المالية العامة الكبير وفى تزايد الدين العام، ومن ثم هشاشة الاقتصاد، مما يترك أقل القليل من الموارد للإنفاق على البنية التحتية.

 

ويمكن تغيير هذه التشوهات من خلال إصلاح الدعم، وهو جزء من مجموعة السياسات الاقتصادية التى بدأت السلطات المصرية تنفيذها بالفعل فى الصيف الماضي. ومن خلال زيادة أسعار الوقود، ستتمكن الحكومة من تحقيق وفورات كبيرة، مما سيتيح المجال لزيادة التحويلات الموجهة للفئات محدودة الدخل، وزيادة الموارد اللازمة لتحسين مستويات معيشة الفقراء، إلى جانب الاستثمار فى الطرق والمدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء.

 

وهذا هو محور جدول أعمال السلطات التى بدأت بالفعل تصميم نظام للتحويلات النقدية المشروطة، بتمويل جزئى من الوفورات الناشئة عن إصلاح دعم الوقود.

 

ولن تكون ثمار زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية مقصورة على الفقراء والأشد احتياجاً على المدى القصير، بل يمكن أن تمتد إلى رفع النمو الممكن على المدى الأطول، وهو ما تشير الأبحاث إلى أهميته الكبيرة فى خلق فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة.

 

وهناك سياسة اقتصادية أساسية أخرى تتمثل فى مرونة سعر الصرف. فوجود سعر صرف أكثر مرونة يمكن أن يعزز التنافسية، ويجذب الاستثمار الأجنبى والنشاط السياحى، ويدعم صادرات الصناعات الجديدة التى تستطيع بدورها خلق المزيد من فرص العمل ودعم النمو طويل الأجل، ومن ثم رفع مستويات المعيشة. وعلى هذه الخلفية، يعتبر تحرك سعر صرف الجنيه المصرى مؤخراً فى مقابل الدولار الأمريكى بمثابة خطوة فى الاتجاه الصحيح.

 

الإصلاحات الهكيلية ضرورة ملحة

 

سيكون من المهم اتخاذ إجراءات هيكلية لتحسين مناخ الأعمال الذى يمكن أن يجعل مصر أكثر جذبا للمستثمرين، فعلى سبيل المثال، تشير دراسات البنك الدولى إلى أن الحصول على تصريح بالبناء يستغرق 218 يوما فى مصر، فى مقابل 29 يوما فقط فى جمهورية كوريا.

 

وسيكون من الضرورى إلغاء اللوائح والروتين الحكومى اللذين يفتقران إلى الكفاءة، من أجل زيادة الاستثمار وتشجيع خلق فرص العمل. ومن شأن التقدم فى هذا المجال أن يساعد أيضاً على إدخال القطاع الاقتصادى غير الرسمى تحت المظلة الرسمية، مع ما يحدثه ذلك من أثر إيجابى على البطالة ومستويات المعيشة بشكل عام، وقد وجدنا أن السلطات المصرية تدرك تماما أن الإصلاحات الهيكلية ضرورة ملحة، وهناك خطط جارية لإصدار قانون معدل للاستثمار، على سبيل المثال، وهو تحرك فى الاتجاه الصحيح.

 

ومن أكبر التحديات أمام الحكومة بناء مؤسسات حديثة وشفافة لتشجيع المساءلة والحوكمة الرشيدة، وضمان تطبيق قواعد للعمل تقوم على العدالة والشفافية، وتؤدى العدالة فى السياسة الاقتصادية إلى ضمان انتفاع كل أفراد المجتمع بمكاسب النمو، كما تكفل المساواة فى إتاحة الوظائف وتوفير الفرص لمؤسسات الأعمال، بغض النظر عن كون الأطراف المعنية من ذوى الصلة بأصحاب النفوذ.

 

وبالإضافة إلى ذلك، هناك خطوات يستطيع صناع السياسات اتخاذها لتحسين كفاءة النظام المالي. فعلى سبيل المثال، تقتصر الحسابات المصرفية المفتوحة حاليا فى مصر على 10% من مجموع السكان، ويمكن أن يستفيد الاقتصاد إلى حد كبير بتوسيع نطاق الخدمات المالية وزيادة الاتئمان المقدم للأعمال الصغيرة المُنشِئة لفرص العمل.

 

وتحقق مصر تقدماً فى هذا المجال أيضاً، مع اعتماد قانون ينظم أنشطة التمويل متناهى الصغر ومن شأنه المساعدة فى تطوير القطاع المالي.

 

وأخيراً، يكتسب تحسين نظام التعليم فى مصر أهمية قصوى لتحقيق التنمية طويلة الأجل. فمن غير الممكن خلق فرص العمل دون اصلاح نظام التعليم بما يكفل إعداد الخريجين لمتطلبات سوق العمل الحديثة.

 

وإذا تمت عملية اعادة ترتيب أولويات الانفاق العام بكفاءة، بحيث يزداد التركيز على الصحة والتعليم حسب نص الدستور، يمكن المساعدة فى تحقيق نمو أعلى وأكثر احتواءً لمختلف شرائح السكان على المدى الأطول، مع الحفاظ على استقرار أوضاع المالية العامة.

 

ومع تطبيق السياسات الصحيحة، ستتمكن الحكومة من تلبية آمال وتطلعات المواطنين المصريين. ويمكن أن تساعد المثابرة فى تنفيذ المثابرة فى تنفيذ الإصلاحات على استعادة الاستقرار الاقتصادى وإعطاء دفعة للوظائف والنمو.

 

وسيظل الصندوق ملتزماً من جانبه بمساعدة مصر على تحقيق مستويات معيشية أفضل.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة