كثيرا جدا ما تسمع عزيزى القارئ عن كلمة فساد وعن خطة لمحاربة الفساد، فما هو تعريف الفساد بشكل مبسط؟ ريح نفسك واعرف أن عدم وصول الحق لأصحابه هو ده الفساد، وممكن بقى تكتب كتب فى أنواع هذا الفساد وأمثله لا تنتهى.
ما دعانى لكتابة هذه السطور هو تعدد الإجراءات التى تتخذها الدولة فى الآونة الأخيرة ضد شخصيات لها حيثية فى عدد كبير من القضايا كان من الممكن السكوت عنها فى الماضى، بل كثيرا ما تجد جرأة شديدة فى التعامل مع هذه الملفات، ويعقب ذلك إجراءات قانونية ومحاكمات لمسؤولين فى السلطة، وهو أمر لا تجرؤ عليه كثير من الحكومات، فكثير من الدول تحاول التستر على جرائم قام بها مسؤولون حاليون، لكن الوضع لم يصبح هكذا فى مصر فى عامى حكم السيسى، فهناك جرأة شديدة وقوة فى التعامل مع هذه القضايا.
وبأمانة دائماً ارجع لرأس الدولة وساعتها هاتعرف إذا كانت هناك نية حقيقية لمكافحة الفساد ولا لا، لأنه رئيس الدولة يقدر يسكت عن ملف أو يوجه بكده وهو كمان اللى يقدر يحركه.
وفى بلدنا اليومين دول لما تلاقى رئيس الدولة طالع يضرب مثالا على موظفين فى الرئاسة تم إبلاغه أن فى شبهة مش مظبوطة عن واقعة محددة، وينصحه البعض أننا نغطى على الموضوع، ولكن نجد الرئيس يقول: «هيتحاكموا يعنى هايتحاكموا، وما فيش حد فوق القانون ولو رئيس الجمهورية غلط هايتحاسب» هنا لازم نقف، لأن الحقيقة أن يخرج الرئيس بنفسه ليروى هذه الرواية يجعلك تشعر بالرسالة، فكان من الممكن جدا أن لا نعلم شيئا عن هذه القضية أو يقول مثلا جهة ما دون تحديد، أو لا يروى موقف من نصحوه «أننا نلم الدور» أو أنه يضرب مثالا ويقول أى حد هايغلط هايتحاسب «مثلا يعنى»، لا الرجل كان من القوة والصراحة ما يكفى أن تسمع الأصم فصمم على الرواية كما هى، وعلى ضرب المثل على نفسه أولا عشان توصل للجميع.
وعشان نتكلم بصراحة فى أى دولة يمكن أن تجد الفساد بأنواع متعددة منها مالى، ومنها سياسى ومنها المحسوبية وغيرها.
وفى 2009 خرجت عدة تقارير دولية تشير إلى انتشار الفساد فى عدة هيئات، ومصالح حكومية مصرية وتراجع ترتيب مصر فى مؤشر الفساد الذى تقوم به منظمة الشفافيه الدولية.
لكن الحقيقة فى هذه الأيام ما بتسمعش حتى فى الكواليس، ولا على مستوى الكبار إن حد فيهم مثلا مظبط حاجة أو مظبط حد أو نابه من الحب جانب، للأمانة لم أسمع مجرد شائعة عن هذا الأمر، بل بالعكس تشعر أن الجميع بات قلقا من أى خطأ، وهذا هو إحدى سمات تطبيق القانون أن يحقق الردع العام بأن يخشى الناس مخالفته خوفا من العقاب، وهذا ما يحدث فى مصر هذه الأيام مع الكبار، وأعنى بكلمة الكبار كبار المسؤولين وكبار رجال الإعلام وكبار المجتمع فى كل المجالات فبصراحة كده، وبالبلدى عرفوا إن الراجل ما بيعرفش سكة تانية غير القانون ومالوش فى حكاية فلان بيه ده له شعبية ووراه ناس والحبتين اللى بيتقالو من الوسطاء، وكمان اللى كان بيحميهم مسؤول هنا أو هناك بدأت الحكاية دى تتناقص «وبقول تتناقص مش تنتهى» لأن المسؤول الحكومى اللى هو مسؤول عن خدمة التطبيع مدفوعة المقابل، بدأ هو كمان لما شاف وزير فى عهد السيسى فى السجن بدأ يلم نفسه ويعرف تماماً إنه ساعتها محدش هاينفعه.
والاتجاه العام للدولة فى محاربة الفساد تستطيع أن تراه حتى لو كنت من ضعاف البصر، ونزاهة السيسى وطهارة يده حتى أعداؤه لم يجرؤا على التشكيك فيها، لكن المشكلة الحقيقية هى فى أن الفساد لا نهاية له على الأرض والحقيقة اللى مش عاوزه تجميل إن من غير إرادة شعبية حقيقية ما ينفعش تحارب الفساد، يعنى أنا وسيادتك كمان نبطل نستخدم الواسطة أو النفوذ أو نلاغى ده أو نظبط التانى، لأن من غير سلوك المواطن المنضبط لا يمكن لأى دولة أن تحارب الفساد، لأن لو الناس اتفقت أنها تفسد وتفسد ومش ناويين يبطلوه ولا خمسين حكومة هاتقدر عليهم، وعشان كمان ما أدخلش فى فلسفة موضوع إن المواطن من جواه ومن وازع داخلى ووطنى ينوى عدم الفساد ويساعد فى محاربته موضوع مثالى حبتين ومحتاج لبداية تطبيقه حبتين كمان أو تلاتة، وما تقوليش بقى مصر هى أمى والجو ده لأن وأنت بتغنيها إنت بتبنى من غير ترخيص وبتبور الأرض الزراعية وسارق كهرباء ببلاش وبتكلم الظابط صاحبك لما بتجدد رخص عربيتك وصاحبك اللى فى المطار بتبقى عاوزه يستناك على سلم الطيارة، والحاجات الباقيه اللى أنا وأنت عارفينها دي
وبما إن النية زى ما أنا شايف مش رايحة فى سكة إن المواطن نفسه يحارب الفساد مع الدولة الجديدة بتاعت اليومين دول، فهنا لازم الدولة تحط الكلام ده كأحد المعطيات عندما تضع خطة لمكافحة الفساد تقول البند الأول فى الخطة: «ما نعتمدش على المواطن أوى لأن الضمير بعافيته حبتين».
ووجود هذا البلد بالضروره يستلزم وجود مقابل له فى الخطة فورا
يعنى مثلا مش معقول مكتب محاماة كبير عنده موكل بيدفع ملايين ومطلوب يعمل توكيل هايبعت الموكل رمسيس فى الشهر العقارى يعيش 3 ساعات فى حياته ما شافهم وفى النهاية يدفع 30 جنيها تمن التوكيل، هنا بقى الحكومة لازم تبقى ذكية، اعمله خدمة مميزة «لأنه هايخدها غصب عن الحكومة وبفلوسه» ده مثلا يعنى وده فى كل المجالات.
من هنا يأتى اقتراحى فى هذا المقال الذى سبق أن قلته للرئيس السيسى فى أحد اللقاءات
وأعاوده مرة أخرى:
يا سيادة الرئيس: من فضلك يجب إنشاء خدمة حكومية مميزة بسعر مدفوعة الثمن.
يعنى مثلا اللى بيروح يعمل التوكيل ويدفع رشوة للموظف عشان يمضيه فى العربيه بيدفع للموظف ده 500 جنيه واللى الموظف بيروح له المكتب بياخد 1000 جنيه «أسعار 2016 للمكاتب الكبيرة» ده غير المجاملات والمناسبات علما أن تمن التوكيل 30 جنيها.
إيه بقى الاقتراح؟ «الخدمة الحكومية المميزة»
فى الحالة دى نعمل شهر عقار مميز بيفتح لحد الساعة 8 بالليل فى مكان حلو وراقى ورايق وكبير وتجيب فيه موظفين جداد شباب متعلمين كويس وعلى درايه بالوسائل الحديثة، ويكون فيه مكان للانتظار مكان محترم ينفع يدخله رجال الأعمال وساعتها هانعمل تمن التوكيل 300 جنيه بدل 30 يبقى الفرق 270 جنيها هانشغل بيهم الناس الجديدة وهانبنى مقرات نضيفة، وهايتفضل معانا كمان عشان نعيد نضافة المقرات القديمة، وفى الحالة دى هايبقى أمام المواطن مكتبين مكتب بـ30 جنيه ما فيهوش مزاحمة من القادرين ومكتب بـ300 جنيه مفتوح للساعة 8 وجاهز للى يدفع.
قس على ذلك بقى استخراج البطاقة وجواز السفر وشهادة الميلاد وحواديت كتير من هذا القبيل.
زمان كنت حضرتك بتكلم اللواء صاحبك اللى فى المطار عشان يبعت حد يستناك أنت والمدام وأنتو راجعين من بلاد بره، دلوقتى لو عاوز عربيه فخمة تحت سلم الطيارة وورد للهانم وواحد يخلصلك الإجراءات وواحد يشلك الشنط موجود يا فندم فى مطار القاهرة وده الوحيد اللى يقدر يستناك على سلم الطيارة «مش الوحيد قوى عشان الحقيقة» لكن فى النهاية هايديلك الخدمة اللى أنت عاوزها وبشكل شرعى وبدل ما تدفعهم رشوه تدفعهم لبلدك.
اقتراح الخدمات الحكومية المميزة أتمنى أن يصل إلى السيد الرئيس وأتمنى أن تعمم التجربة فى كل الخدمات الحكومية وستكون بداية للتخفيف عن المواطن البسيط وسدادا لباب الرشاوى «نوعا ما» وأيضاً تشغيل لشباب جدد.
طبعا ده مجرد محاولة لحل جزء من فساد الموظف الحكومى الصغير مؤدى الخدمة لكن لِسَّه أكيد فيه اقتراحات أخرى تحتاج إلى تشريعات
وأخيرا: اللى بيضحك عليك ويقول لك إنه عنده واسطه عند السيسى او اللى حاسس أنه بفلوسه فى كام لواء بيحموه ياريت يسمعنا صوته إحنا بنقولها قدام الناس أهو، واللى يكدب عليك ويقولك إنه بيعمل كده قول له كلها كام يوم يا حلو وأنت واللى بيحميك هاتبقوا فى النيابة، وأظن السيسى ورّاك المشهد ده فى أكثر من مثال على الفساد.
لكن بينى وبينك إحنا كمان لازم نلمها شوية ما هو البلد مش هاتنضف لوحدها ولو يعنى أنا بقول يعنى رجعنا لضمائرنا يمكن تتصلح بسرعة
ولا إيه رأيك؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة