الفضيحة الجديدة التى كشفت عنها صحيفة نيويورك تايمز، حول الرشاوى وصناعة التقارير والأبحاث الموجهة سياسيا فى مركز بروكينجز للأبحاث، دليل جديد على طبيعة الصراع السياسى فى العالم اليوم، وأدواته المستحدثة، فالحروب الحديثة وعمليات إسقاط الدول وتفكيكها لا تتم بالجيوش فقط، وإنما بعمليات تحريك المجموعات البشرية لإثارة الفوضى، وإفقاد الثقة فى الإدارات الحاكمة، وبث الشائعات والتشكيك فى الرموز والإنجازات.
كما أن التقرير القنبلة الذى نشرته الصحيفة الأمريكية بمثابة رد مفحم على الأبرياء، لا أقول المغفلين، الذين يتصورون الإعلام ووسائله منزهة عن الغرض وحسابات الصناعة وتدخلات أصحاب رؤوس الأموال ومحكومة فقط بقيم مهنية ومثالية صرف، وكذا بيان عملى للجماعة الكلمنجية المشاركين حاليا فى حملات التشكيك الجديدة لتشويه الانتصارات المتحققة على صعيد إنقاذ الدولة المصرية، وهم يتصورون أن المصريين يمكن أن يلدغوا من الجحر مرتين، وينخدعوا بالأنباء الكاذبة على منصات الإعلام المأجورة.
تقرير نيويورك تايمز أكد أن الباحثين فى «بروكينجز» ومراكز الأبحاث الأمريكية عادة يسعون لدفع أجندات ممولى هذه المراكز، ليؤكدوا بذلك ثقافة نفوذ المال فى واشنطن، كما تتبنى إدارات هذه المراكز سياسات وأجندات المتبرعين من الشركات، فى الوقت الذى تراجع فيه الخط الفاصل بين الباحثين وأنصار تلك الشركات، وهم يفعلون ذلك مع الانتفاع بمزايا الإعفاءات الضريبية، وفى بعض الأحيان دون أن يكشفوا عن صلتهم بالشركات أصحاب المصلحة.
يعنى باختصار، كل وسائل الإعلام الغربى ذات الشهرة الواسعة والنفوذ فى العالم، ما هى إلا منصات لإطلاق الأخبار الموجهة، وسهام أجهزة المخابرات ومعلومات لوبى رجال المال وأصحاب الشركات، فبعد الفضائح المتوالية لرويترز وأسوشيتدبرس ومراكز الأبحاث الكبرى، لا يمكن لنا أن نصدق التقارير والأبحاث والأخبار الموجهة والملونة، خاصة إذا كانت تتناول قضايانا الداخلية بتوجه غير وطنى أو مثير للشكوك.
المأساة، أن من بيننا من يروجون لمثل هذه التقرير والأبحاث الموجهة والمشبوهة. باعتبارها الحقيقة الصرف عن أنفسنا وبلدنا ومجتمعنا، وأن تجاهلها ووضعها فى حجمها الذى تستحقه هو الخطأ والغفلة، فماذا تسمون هؤلاء بالله عليكم؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة