يقول هذا المؤرخ ابن عذرا فى مؤلفة عن الأندلس كان ملك قشتالة يبث القسيسين والرهبان من البرتغال إلى القسطنطينية، ينادون فى البلاد من البحر الرومى إلى البحر الأخضر، غوثاً غوثاً، ورحمة رحمة، أى ينادون بنى جلدتهم، فجاء عُباد الصليب من كل فج عميق ومكان سحيق، وأقبلوا إليه إقبال الليل والنهار من رؤوس الجبال وأسياف البحار.
ويذكر فى موضع آخر أن البابا «فرستان الثانى» توسط بين مختلف الأمراء الإسبان، فوفق بينهم، وسرعان ما نسوا خصوماتهم، فتماسكوا وهم يعتقدون جازمين، بأنهم جاءوا من كل أصقاع أوروبا لنصرة دينهم على دين آخر.. ونجد أيضاً أن اتحاد ملك قشتالة وأراجون بزعامة «فرناندو الخامس» و«إيزابيلا» من أسباب سقوط الأندلس، وعلى يد هذا الملك، وهذه الملكة سقطت الأندلس.
إذن، نلاحظ أن أسباب السقوط كانت موجودة منذ أن بدأ فتح الأندلس، كاقتسام الغنائم بين العرب والبربر، ويذكرنا هذا بموقعة أحد، ثم انقسام المسلمين بدورهم إلى قيسية ويمانية، ثم أطماع النفوس التى أصابت بعض الحكام، كالحاجب محمد بن أبى عامر الملقب بالمنصور، ثم انقسمت الدولة إلى عدد كبير من الممالك الصغيرة التى تحولت إلى أعداء فيما بينها، إضافة إلى الدسائس والفتن والمؤامرات التى أدت إلى أن يقتل بعضهم البعض، بينما كان النصارى يتحدون.
والعجيب المحزن هو أن مصائب المسلمين تتكرر بنفس تكرر الأسباب، فقد سقطت بغداد بيد التتار بسبب النزاع بين المسلمين وضعفهم، وفتح المجال أمام دعاة الفتن، إلى جانب استعانة بعضهم على بعض بالتتار، كذلك الحال فى الحملات الصليبية، وفى فترة الاستعمار التى استمرت حوالى ثلاثة قرون.
وحالياً نجد نفس الأسباب تتكرر فى زماننا الحاضر، وما أكثر الذين ركنوا على الذين ظلموا، وما أكثر الذين نسوا قول الله تعالى: [ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ] صدق الله العظيم.. [الأية 46 من سورة الأنفال]
.. وغدا نتواصل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة