فى مثل هذا التوقيت من كل عام يتجدد الخلاف الفقهى بين العلماء حول ماهية الأضحية، وينقسم العلماء إلى فريقين يتمسك كل منهما برأيه، والذى يستند إليه برأى فقهى.
ويرى فريق أن الأضحية لا تكون إلا بالأنعام، بينما يرى الفريق الآخر أن الأضحية قد تكون بغير ذلك من الفراخ والأرانب، لمشاركة الفقراء فى إحياء تلك السنة.
فى البداية، الأضحية فى لغة العرب بها أربع لغات، على ما ذكر الإمام الأصمعى: إضْحِيَّةٌ، وأُضْحِيَّةٌ والجمع أضاحى، وضَحِيَّةٌ على فعيلة والجمع ضحايا، وأضْحَاةٌ والجمع أضحًى كما يقال: أرطاةٌ وأرْطًى، وبالأضحية سمى يوم الأضحى، أى اليوم الذى يضحى فيه الناس.
وعرفها اللغويون بتعريفَين: أحدهما: الشاة التى تذبح ضحوة، أى: وقت ارتفاع النهار والوقت الذى يليه، وثانيهما: الشاة التى تذبح يوم الأضحى، وهذا المعنى ذكره صاحب اللسان أيضا.
تعريف الأضحية عند الفقهاء: هى ما يذبح من النعم تقربًا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق بشرائط مخصوصة.
وعليه فليس من الأضحية ما يزكى لغير التقرب إلى الله تعالى، وكذلك ما يزكى بنية العقيقة عن المولود، أو جزاء التمتع أو القران فى النسك، أو جزاء ترك واجب أو فعل محظور فى النسك، أو يذكى بنية الهدى.
من جهته قال الدكتور سعد الدين الهلالى، رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه ذكر فى كتاب المحلى لابن حزم، مؤكداً أن الأضحية جائزة بكل حيوان يؤكل لحمه من ذى أربع، أو طائر، كالفرس، والإبل، وبقر الوحش، والديك، وسائر الطير والحيوان الحلال أكله، والأفضل فى كل ذلك ما طاب لحمه وكثر وغلا ثمنه".
وما قاله بلال بن رباح، "ما أبالى لو ضحَّيت بديك"، وشدد الدكتور سعد الهلالى، على أن هذا ليس رأيه الشخصى، ولكنه رأى فقهى لابن حزم، متسائلا، لماذا لا يظهر أصحاب الخطاب الدينى تلك المسائل الفقهية للناس، مضيفا، "نحن مزايدون دينيون، أقول لكل أصحاب الخطاب الدينى ولكل مشايخنا بلا استثناء من فضلكم اتركوا وظيفة الوصايا الدينية وكونوا أمناء فى نقل العلم، انقلوا المعلومات للناس، وليس هناك داعى لتصفيتها على مزاجكم وكفاية وصاية دينية واتركوا الناس تستمتع بأقوال أهل العلم وعند وجود رأى يفرج على الفقراء".
وأضاف "الهلالى"، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أتحدى أكبر عمامة أن تكذب قول بلال بن رباح، والذى يكذب يجب أن يكون لديه دليل، ومن يستطيع أن يعقب على ابن حزم، وهو صاحب الكتاب الوحيد الذى يعد مرجعية فى علم أصول الفقه، وعن موجة الانتقادات والسخرية التى قد تكون رد فعل من البعض قال، "الجاهل يريد أن يستر جهله بـ"التريقة والسخرية" على الغير ، والأضحية جائزة فى كل حيوان يؤكل لحمه من ذى أربع أو طائر.
قال الدكتور محمد وهدان، أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر لـ"اليوم السابع"، إنه ثبت عن سيدنا جعفر الصادق أنه سأل زوجته وهو ذاهب لصلاة العيد هل لدينا أضحية نذبحها، فقالت له ليس لدينا إلا ديك، فقال لها سنعود ونذبحه بعد الصلاة، عملا بقول الله تعالى "فصل لربك وانحر"، وعندما قامت بإمساك الديك هرب منها إلى الجيران، فعندما ذهبت للإمساك به تساءل الجيران، فقالت لهم إننا سنذبحه فقالوا لها إن الإمام جعفر الصادق وخيره علينا وليس لديه إلا ديك، واتفقوا على أن يرسلوا له كل واحد منهم خروفا، فعندما عاد وجد فى بيته اثنى عشر خروفا، فسأل زوجته فقصت عليه ما حدث، فنظر للديك وقال له، "لقد نجى الله نبيه بكبش واحد وأنت نجاك الله باثنى عشر كبشا، وأشهد الله أننى لن أذبحك"، فالسلف الصالح كانوا يذبحون المتاح، والله يقبل أى شىء من الإنسان بشرط أن تكون النية خالصة لوجه الله، فإزهاق الدم يوم العيد عبادة.
ورداً على ذلك قال الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ضحى النبى، صلى الله عليه وسلم، بكبشين أملحين أقرنين، وقال هذا عن محمد وآل بيته، وهذا عن أمة محمد، فالأضحية تكون من الأنعام الضأن والمعز والبقر والغنم، ولا تكون بالفراخ، وهذا كلام يحتاج إلى دليل، لأن القرآن ثابت والسنة ثابتة، ولم يثبت أن أحداً من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم ضحى بديك لا بلال ولا غيره، وابن حزم خانه التعبير فى تلك المسألة.
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء، من يزعم أن الأضحية تكون بديك أو فرخة "واهم لا يفهم من الدين شيئاً"، علماً بأن الأضحية سنة مؤكدة لمن قدر عليها واستطاع، ويجوز أن يشترك فى البدنة سبعة أفراد، ويجوز الكبش عن أسرة، وكذلك الماعز، أما الديك فتلك "هرطقات" لا يؤمن ولا يعتقد بها، مشيرا إلى أن الإسلام اشترط للأضحية أن يكون الإنسان قادرا مستطيعا لا يستدين ولا يقترض، وأن توزع إلى ثلاثة للفقراء والأصدقاء ولصاحب الأضحية، لأن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال "كلوا وادخروا"، ويجوز أن نعطى منها لأهل الكتاب، ،أما الفتاوى التى تخالف هذا فليس لها حظ من القرآن أو السنة.
أما دار الإفتاء المصرية فأوضحت شروط الأضحية،وهى:
الشرط الأول: وهو متفق عليه بين المذاهب، وهو أن تكون من الأنعام، وهى الإبل بأنواعها، والبقرة الأهلية، ومنها الجواميس، والغنم ضأنا كانت أو معزا، ويجزأ من كل ذلك الذكور والإناث.
فمن ضحى بحيوان مأكول غير الأنعام، سواء أكان من الدواب أم الطيور، لم تصح تضحيته به؛ لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} سورة الحج الآية: 34، ولأنه لم تنقل التضحية بغير الأنعام عن النبى صلى الله عليه وسلم ولو ذبح دجاجة أو ديكا بنية التضحية لم يجزئ.
ويتعلق بهذا الشرط أن الشاة تجزئ عن واحد والبدنة والبقرة كل منهما عن سبعة؛ لحديث جابر رضى الله عنه قال، "نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة". أخرجه مسلم.
الشرط الثانى: أن تبلغ سن التضحية، بأن تكون ثنية أو فوق الثنية من الإبل والبقر والمعز، وجذعة أو فوق الجذعة من الضأن، فلا تجزئ التضحية بما دون الثنية من غير الضأن، ولا بما دون الجذعة من الضأن؛ لقول النبى صلى الله عليه وسلم: "لا تذبحوا إلا مسنة؛ إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن" رواه مسلم فى صحيحه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة