كم أبهرنى هذا الجهد الذى بذله فريق عمل برنامج «بالقرآن اهتديت» الذى يعده ويقدمه الشيخ فهد الكندرى والذى يعرض فى قناة خاصة عبر اليوتيوب، وفكرة البرنامج تبدو مثالية حالمة وواعدة فقد اختار الشيخ بعض النماذج من مختلف الجنسيات التى دخلت الإسلام عن طريق القرآن.. يحكى أبطال الحلقات قصصا إنسانية مؤثرة كل يعبر بلغته ويتم ترجمة البرنامج باللغة العربية وعدد من اللغات الأخرى حتى يتسنى للعالم كله مشاهدة هذه الصور والحكايات الحية.. بساطة التناول والعرض ودقة التصوير والإخراج والاهتمام بالتفاصيل، وتلقائية سرد الحكايات على لسان أصحابها يجعلك تبكى من صدق المشاعر وفيضان الإحاسيس ورغم بساطة الفكرة إلا أن المجهود الذى بذل فيها يبدو كبيرا والتكاليف المادية أيضا لا تقل عن الجهد المبذول فقد سافر الشيخ وفريق عمله إلى أغلب دول العالم من شرقها إلى غربها خاصة الدول التى يقل فيها نسبة المسلمين عن غيرها من الديانات من بريطانيا إلى الصين ومن فرنسا إلى السويد ومن اليابان إلى أمريكا.
والغريب حقا أن هؤلاء الذين دخلوا الإسلام بمحض إرادتهم وبعدما قرأوا ودرسوا وبذلوا جهدا حتى يصلوا إلى الحقيقة ويتخذوا قرار الإسلام وكان لسان حالهم أن الإسلام هو النجاة من مصير مجهول وأن سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، هو شخصية لا مثيل لها وأن القرآن هو دستور حياة سوية راقية رائعة وأنه كتاب يحمل بين طياته العدل والحق والتسامح.. من نفس البيئة التى أخرجت نماذج داعشية تقتل باسم الإسلام وتبيح دماء الجميع مسلمين كانوا أم مسيحيين.
لماذا إذن نصدر فقط للغرب الصورة السيئة للإسلام.. لا أعتقد أن من دخل فى الجماعات المتطرفة الإرهابية كداعش والقاعدة وغيرها وكل من يقتل باسم الإسلام قرأ سيرة الرسول الكريم أو سيرة الصحابة المقربين ولا درس وتفقه فى القرآن العظيم وإلا لما انساق وراء أهداف شيطانية لهدم الإسلام وصورته.. ما يفعله الإعلام الغربى المغرض الذى يشوه بسبب هؤلاء المتطرفون إنما يخدم مصالحه حتى تظل الصراعات دائرة والدماء تسيل بحورا.
وأنا أقول ما يقدمة برنامج بالقرآن اهتديت من صورة صحيحة لروح الإسلام وعظمته وحلاوة القرآن وعزته لخير معين لتصحيح الصورة الجائرة حتى لا يتجرأ كل من هب ودب للنيل من سماحة الإسلام ورقيه. نحن فى حاجة إلى مزيد من هذه البرامج التى تتحدث بكل لغات العالم وتصل إلى قلوب من لا يعرف ديننا.. نحتاج أن نستخدم كل وسائل الخطاب مع الآخر فى زمن لم نتقن إلا التحدث إلى أنفسنا.. فى قنوات بالية وإعلام مغيب وبرامج بلا خطة واضحة.. وأموال تهدر فى لا شىء..
أمامنا الكثير لكى نصل بأهدافنا إلى ما نحتاجه ويجب ألا تقتصر البرامج على اليوتيوب فقط، بل تكون هناك برامج فى قنوات تستعين بتلك النماذج التى رأيتها فأغلبهم يعملون فى الدعوة الإسلامية كل فى مجاله.. وتحكى «بارباره» فرنسية الجنسية أن جميع أهلها وأصدقائها شاهدوا حلقتها وكم أثرت فيهم وتعاطفوا مع مشاعرها ويحكى «رحيم جان» الموسيقى البريطانى أن حلقته التى عرضت قصته جعلت العديد من الشباب يقبل على الإسلام.. وهو الآن يعمل فى مجال الدعوة الإسلامية عن طريق الميديا، وهناك العديد من الحكايات التى غيرت نظرة المجتمعات التى يعيش فيها هؤلاء تجاه إسلامهم وأسبابه. وكم فاجأنى الشيخ فهد باستضافته لمنتج فيلم «فتنة» الذى أساء للرسول الكريم وهو هولندى الجنسية أنه أسلم بمحض إرادته وبعد أن كان فى حزب عنصرى يحارب الإسلام قام بتأسيس حزب يدعو ويدافع عن الإسلام ويقوم بإعداد محاضرات تتحدث عن سيرة رسولنا الكريم لكى يستفيد منها الشباب الهولندى ويتعرف على عظمة هذا النبى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وبذلك يكفر عن ذنبه فى حربه ضد الإسلام والرسول كما جاء على لسانه.