فاجأ الرئيس السورى، أمين الحافظ، مؤتمر القمة العربية بطلبه «وضع خطة تفصيلية لتحرير فلسطين من الاستعمار الصهيونى» .
قال«الحافظ»:«إن مشاكل العرب كلها تبدأ وتنتهى بإسرائيل،والقضاء عليها ممكن ومتاح إذا استطاع العرب تجميع أربعين لواء من القوات المسلحة،وأنا كفيل بتقديم الخطة إلى المؤتمر تتضمن تحقيق الهدف فى أربعة أيام»،لفت هذا الكلام أنظار المشاركين إلى الرئيس السورى، حسب تأكيد محمد حسنين هيكل فى كتابه«سنوات الغليان».
جاءت مفاجأة«الحافظ»بعد أن طرح الفريق على عامر قائد القوات العربية المشتركة، تقريره أمام المؤتمر الذى شهدته مدينة الإسكندرية يوم 5 سبتمبر 1964، وانتهت فعالياته فى مثل هذا اليوم «11 سبتمبر»، وحضره الرئيس جمال عبد الناصر، والأمير فيصل ولى العهد السعودى، بعد أن انتقلت إليه السلطة الفعلية فى السعودية من شقيقه الملك سعود، والملك السنوسى ملك ليبيا، والباهى أدغم رئيس الوزراء التونسى، نائباً عن الرئيس بورقيبة، والأمير عبد الله نائباً عن الملك الحسن الثانى، وأمين الحافظ رئيس مجلس قيادة الثورة فى سوريا، والرئيس اللبنانى شارل الحلو، والجزائرى بن بيلا، والعاهل الأردنى الملك حسين، والرئيس السودانى إبراهيم عبود، واليمنى عبد الله السلال، وأحمد الشقيرى رئيس منظمة التحرير الفلسطينية.
تضمن تقرير«عامر»:«خطة عمل شاملة تسليح وتدريب القوات العربية»، وكان تكوينها بقرار من القمة العربية الأولى فى القاهرة «13 يناير 1964»، ووفقاً لما يذكره وزير خارجية مصر وقتئذ محمود رياض فى الجزء الثانى من مذكراته «الأمن القومى العربى بين الإنجاز والفشل» «دار المستقبل العربى – القاهرة»: كان من رأى «عامر» أنه يستطيع مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية خلال ثلاث سنوات، بشرط أن تصل الأسلحة فى الوقت المناسب الذى حدده، وبشرط وحدة مسرح العمليات، أى أن تكون لقيادته الحرية المطلقة فى تحريك القوات العربية من جهة إلى أخرى، يعلق «رياض»: «كان على عامر منطقياً فى دراسته وواقعياً فى تخطيطه، وتصور أن التقرير الذى أعده للرؤساء سوف تتم المصادقة عليه بعد مناقشة وسائل تحقيق مقترحاته،لكن بدأت المشاكل منها، تواجد قوات عربية فى لبنان، حيث خشى الرئيس شارل الحلو من دخول قوات سورية إلى الأراضى اللبنانية، مما يؤثر على الأوضاع الداخلية فى بلاده»، أما المشكلة المفاجئة فجاءت من الرئيس أمين الحافظ، حيث فوجئ الرؤساء به يطلب من «عامر» بأن يضع خطة تفصيلية لتحرير فلسطين على أساس القوات المتوافرة، على أن تعرض على المجلس فى دورته القادمة، ودار نقاش حول هذا المطلب، وحسب «رياض»:«عارضه بعض الرؤساء من منطلق أننا لم نحقق بعد قدرة دفاعية، وليس من المنطقى أن ننشغل بوضع خطة هجومية»، وقال عبد الناصر:«علينا أولاً أن نبنى قوة دفاعية مشتركة لحماية حدودنا قبل أن نبحث عن أى عمل هجومى، ومازالت هناك أزمة ثقة»، لكن إزاء إلحاح الحافظ وافق المؤتمر على مطلبه بتكليف القائد العام «على عامر» بوضع خطة هجومية.
طالب«الشقيرى» فى المؤتمر بإنشاء قوات فلسطينية مسلحة لتحرير فلسطين، فأعلن عبد الناصر: «بأن مصر تضع سيناء وقطاع غزة تحت التصرف لإقامة معسكرات التدريب، لإنشاء الجيش الفلسطينى»، وأعلن أمين الحافظ: «أن سوريا توافق على إنشاء الجيش الفلسطينى على الأراضى السورية، وكذلك فعل عبد السلام عارف الرئيس العراقى،أما الملك حسين فأشار إلى أن الجيش الأردنى يتكون بالفعل من أردنيين وفلسطينيين، وإنشاء جيش فلسطينى بجوار الجيش الأردنى يخلق حساسيات لا داعى لها».
يذكر «رياض»:«وافق الرؤساء على إنشاء جيش التحرير الفلسطينى بشرط أن يخضع فى العمليات الحربية للقيادة الموحدة «على عامر» أو للقيادة المحلية «داخل كل دولة»، وتبرعت كل من العراق والسعودية والكويت بمبلغ مليون دينار، وليبيا بنصف مليون دينار كمساهمة أولية من أجل تشكيل الجيش، وأعلن الرئيس العراقى عبد السلام عارف عن تقديمه دفعة ثانية قدرها مليون دينار، وتقدم أمير الكويت بمبلغ مماثل، أما بالنسبة لمصر وسوريا فكان عليهما أن يقدما الأسلحة والمدربين للوحدات الفلسطينية فوق أراضيهما،وكانت البداية بإنشاء قوات«القادسية» فى بغداد، و«عين جالوت»فى غزة،و«حطين»فى سوريا،وقامت الكويت بإنشاء معسكر للقوات الفلسطينية تحت إشراف وزير الدفاع الشيخ سعد العبد الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة