فى مكان بارز بالصفحة الرابعة نشرت جريدة الأهرام خبرا يقول: «قررت الحكومة السورية منع أغانى ليلى مراد وأفلامها فى سوريا لأنها تبرعت بخمسين ألف جنيه إلى إسرائيل».
أثار الخبر المنشور فى مثل هذا اليوم «12 سبتمبر 1952» دهشة الجميع فى مصر والعالم العربى، بالرغم من التكذيب، الذى نشرته «الأهرام» على لسان «ليلى» فى اليوم التالى، وكانت هناك عوامل عززت من سريان الشائعة هى، أن أربع سنوات فقط مضت على تأسيس إسرائيل، كما أن ثورة 23 يوليو 1952 مضى عليها أقل من شهرين، بالإضافة إلى أن ليلى مراد كانت يهودية الديانة حتى أشهرت إسلامها عام 1947، وبالرغم من إسلامها فإنها، وكما يقول «سمير غريب» فى «وثائق تنشر لأول مرة - الحلقة التاسعة» عن «المصرى اليوم - 24 إبريل 2009»: «لاحقتها لعدة سنوات بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 أنها كانت يهودية ثم أسلمت، كان اسم أبيها «أبراهام زكى موردخاى» وأمها «تويفا سمحون»، ثم أخد والدها اسم زكى مراد».
كان السؤال الأكبر: «من يقف وراء هذه الشائعة؟، وجاءت المفاجأة فى أن الاتهامات طالت «أنور وجدى» زوجها السابق، فحسب ما جاء فى مجلة «نصف الدنيا 2 مارس 2003» بعددها الخاص «ليلى مراد» بعنوان: «إسرائيل تطارد ليلى حتى الموت»: «يقال إن إحدى الصحف اللبنانية الفنية قامت باختلاق «شائعة التبرع» فى الوقت الذى ظهرت فيه بوادر الطلاق بين ليلى وأنور، وتلقفت الصحف السورية هذه الشائعة وصدرتها إلى مصر بناء على حديث أجراه أحد الصحفيين اللبنانيين مع أنور قبل وصول ليلى إلى باريس بأيام»، وتذكر سناء البيسى فى مقالها الافتتاحى لعدد «نصف الدنيا»: «أنور وجدى، الزوج الذى أهانها وضربها وطلقها ثلاث مرات فرفضت العودة بالمحلل»، وأشاع أنها «تبرعت بخمسين ألف جنيه للجمعيات الخيرية الإسرائيلية، ونشرت صحيفة الكفاح العربى السورية الخبر الكاذب فى صفحتها الأولى، لكن الطعنة ارتدت لأنور وجدى لأنه عندما صدر القرار بإيقاف أفلامها كانت هى أفلامه أيضًا، التى قام بإنتاجها فخسر الكثير فى السوق العربية، وانتصر الحق بعدما سقطت ليلى فى باريس غائبة عن الوعى عندما سمعت بالوشاية ولم تنطق سوى: «الله يجازيك يا أنور».
سارعت «ليلى مراد» بإعداد ملف شامل عن القضية يحوى مستندات براءتها وهى، «صورة دقيقة من حساباتها بالبنوك وضمان أنها ليس لها أى حساب فى أى بنك آخر سوى العربى والعثمانى، وثيقة من الأمن العام الفرنسى تثبت أنها لم تغادر فرنسا منذ أن وصلتها قادمة من مصر، وليس صحيحًا أنها اختفت فى رحلة سرية قامت على أثرها بزيارة مواقع إسرائيلية داخل تل أبيب، وإقرار من الفنان أنور وجدى ينفى فيه التهم القائلة بأن من أسباب خلافه مع زوجته السابقة ميولها السياسية».
قال أنور فى إقراره: «أقر أنا الموقع أدناه أنور وجدى وأعترف بأن طلاقى من السيدة ليلى مراد لم يكن بسبب خلاف دينى لأن السيدة ليلى مسلمة وموحدة بالله سبحانه تعالى منذ حوالى سبعة أعوام، وكذلك لم يكن سبب الطلاق خلافا سياسيا أو ميولا وطنية من أى نوع، وإنما هى عربية مسلمة صميمة، يحبها العرب جميعا وهى تبادلهم الحب، وإنما الأسباب، التى أوصلتنا لهذا الطلاق، الذى نأسف له الآن بشدة كانت أسبابا عاطفية خاصة يحدث مثلها كل يوم بين جميع الناس، وهذا إقرار منى بذلك كتبته بخط يدى وتحت مسؤوليتى».
لم يقتصر الانشغال بالقضية على الوسط الفنى وفقط، وإنما امتد إلى أعلى المستويات السياسية ففى يوم 25 أكتوبر 1952 أرسل اتحاد النقابات الفنية خطابا إلى إدارة الشؤون المعنوية بالجيش خطابًا بإمضاء رئيس الاتحاد الفنان سراج منير، يطلب فيها حقيقة ما يشاع عنها، فردت الشؤون المعنوية بخطاب موقع من مديره وجيه أباظة: «بخصوص السيدة ليلى مراد أتشرف بالإفادة بأنه بعد تحريات جهات الاختصاص فى هذا الموضوع تبين لنا أنها لم تسافر إلى إسرائيل ولم تتبرع لها ولا صحة لما نشر عن تبرعها لحكومة إسرائيل بأى مبلغ من المبالغ».
وسافر «سراج منير» إلى سوريا وقابل رئيس الحكومة «أديب الشيشكلى» وقدم كل وثائق البراءة، وأعدت الحكومة السورية تقريراً ببراءتها ورفع الحظر عن أفلامها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة