المواطنون المصريون الأقباط هم الموروث الحضارى للأمة المصرية وجزء من نسيجها الوطنى ومن مكونات عتبة المواطنة التى تحطمت عليها كل الغزوات والمؤامرات، استطاعوا طوال قرن ونصف أن يساهموا فى كل الثورات المصرية «1804 - 1882 - 1919 - 1952 - يناير 2011 - 30 يونيو 2013»، كما لم يبخلوا بالعرق والدم فى كل حروب القوات المسلحة، ودفعوا أثمانا غالية من جراء حرق كنائسهم وممتلكاتهم بعد فض الاعتصامات الإرهابية فى النهضة ورابعة، ورغم كل هذه التضحيات لم تتحقق المواطنة الكاملة لهم، ويعود ذلك بالأساس إلى عدة عوامل.
أولا: رؤية بعض الأجهزة التى تعتمد على وضع الأقباط داخل أسوار الكنيسة وتمثيل البطريرك عنهم.
ثانيا: منذ تأسيس أول مجلس ملى فى مطلع القرن التاسع عشر وحتى المجلس الملى الأخير وهناك صرعات بين الأكليروس والعلمانيين أفقدت المجالس الملية فاعليتها.
ثالثا: انتهازية قطاع كبير من العلمانيين الأقباط وتسولهم الرضا والنفوذ من جلوسهم فى الصفوف الأولى بالكنائس فى الأعياد.
ولكن بعد مذبحه ماسبيرو المعروفة، ظهرت مبادرات شبابية مهمة منها اتحاد شباب ماسبيرو الذى عمد بالدم وارتوى كيانهم بالدموع، ثم ظهرت كيانات أخرى مثل المجلس الاستشارى القبطى وأخيرا تنسيقية المواطنة التى يقول عنها المفكر القبطى كمال زاخر: تنسيقية المواطنة ليست كياناً مستقلاً، أو رقما يضاف إلى الكيانات القائمة، بل هى تنسيق بين كيانات قائمة بالفعل، أحزاب وجمعيات ومراكز ومؤسسات وأفراد، ائتلفت فى لحظة لمواجهة خطر يتهدد حقوق وحريات مصريين، تمثل فى مشروع قانون بناء الكنائس، وجاءت المواجهة عبر قنوات شرعية قانونية مدنية، وهى مرشحة للتكرار مجددا حال الاقتضاء مع تغير العنوان والسبب، ربما بمكونات أخرى بحسب طبيعة القضية المطروحة واحتياجاتها.
وهى ليست حكرا على أحد، شخوص أو كيانات، والتصدى للإشكاليات العامة مصرية وقبطية ليس محل، أو مدعاة، للصدام أو الصراع أو للوجاهة السياسية أو الاجتماعية، بل هو التزام ومسؤولية له تكلفته وتداعياته، وقد استطاعت التنسيقية بالتوافق مع اتحاد شباب ماسبيرو أن تحقق عدة مكاسب أهمها:
اتخاذ موقف قبطى موحد من قانون بناء الكنائس جعل طرفى المعادلة، الكنيسة والدولة، يعملان حسابا للتنسيقية ويسعيان للتقارب معها، الأمر الذى أزعج قطاعات مختلفة من الأجهزة وجماعات الضغط، وبدا ذلك واضحا منذ أن أعلنت تنسيقية المواطنة بدعم السيد الرئيس أثناء زيارته للأمم المتحدة لإلقاء كلمة مصر فى الجمعية العامة، وبدأت تلك الجماعات المغرضة النفخ فى خلافات وهمية بين التنسيقية وماسبيرو، ومن ثم لا بديل سوى رأب الصدع من أجل الله والوطن.