كرم جبر

إعلام البلاغات الكيدية

الأربعاء، 14 سبتمبر 2016 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى واقعة التشهير بمحافظ القاهرة، المهندس عاطف عبدالحميد، لم تكن المواقع الإخوانية وحدها هى المسؤولة، وإلا فنحن نضخم فى قوتهم ونعطيهم أكبر من حجمهم، ولكن الإعلام برمته يحتاج تنظيما مهنيا وقانونيا، وإلا ظلت البلاد فوق صفيح ساخن، بفعل النفخ فى الرماد وافتقاد المهنية، والعمل بنفس أسلوب البلاغات الكيدية، التى أغرقت البلاد فى دوامات الثأر والإقصاء، بعد 25 يناير وما تلاها من أحداث.
 
لا يمكن لوطن أن يستقر إلا إذا تخلص من روح الغل والانتقام، وهى الكأس المرة التى جاء بها الإخوان والثوريون والمتحولون، ثم انقلبت عليهم وشربوا منها، فأصبح المجاريح أكثر من الأسوياء، ويرقص الإعلام على أنغام أى شائعة، قبل التأكد من صحتها ومصداقيتها، وهات يا لطم على الخدود وبكاء زائف بدموع التماسيح، كما فعلوا مع محافظ القاهرة الجديد، قبل أن تطأ قدماه مكتبه.
 
لا تضخموا فى تأثير الإخوان ومواقعهم الإلكترونية، فإعلام البلاغات الكيدية أكثر خطورة، وبدلا من أعمال قاعدة «المتهم بريئ حتى تثبت إدانته» تحولت إلى «البريئ متهم ولو ثبتت براءته»، وهى القاعدة القانونية الشريرة التى جاءت بها 25 يناير، وأمطرت النيابات والأجهزة الرقابية برخات من البلاغات، التى وصلت عشرات الآلاف، لأن القواعد القانونية فى مصر مقلوبة، وبدلا من أن تكون «البينة على من ادعى» أصبحت على من ادعى عليه، أى من حقى أن أتهمك بأى شىء، وعليك أن تثبت براءتك.
 
 لن تنصلح الأحوال وتهدأ حروب الغل والانتقام وتصفية الحسابات،إلا إذا عدنا إلى القواعد القانونية السليمة التى تلقى عبء الإثبات على من يدعى أو يتهم غيره، وعندنا محامون متفرغون لملاحقة الناس دون أدلة أو براهين، من أجل الشهرة والظهور فى الفضائيات، وكل أدلتهم عبارة عن شائعات أو قصاصات صحف صفراء، أو أخبار تنشرها مواقع إلكترونية هى أصلا تقوم على التشهير والابتزاز، ويحتمى محاميو الشهرة والتشهير بعدم وجود نصوص رادعة للعقاب.
 
محافظ القاهرة الذى جرفته الشائعات قبل أن يدخل مكتبه ليس الأول ولن يكون الأخير، بسبب الفوضى غير الخلاقة فى مجال الإعلام، ولا تكفى المناشدات الأخلاقية، ولا الدعوة لأعمال مواثيق الشرف الإعلامية، المسألة أكبر من ذلك بكثير، وتحتاج ضوابط مهنية وتنظيمية وقانونية، لحماية الأبرياء أولا، وللحفاظ على الممارسة الديمقراطية، من محاولات العبث والتشويه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة