فى بداية إبريل 2014 تناقلت المواقع الجهادية شهادة صوتية اقتربت مدتها من الساعتين لقاضٍ شرعى سابق فى تنظيم داعش ولاحقا هارب من جحيم التنظيم كان اسمه «أبوشعيب المصرى»، وكانت لهجته أيضا مصرية واضحة وخلالها وثق الرجل جرائم التنظيم على نحو غير مسبوق، حيث تحدث عن دولة الأمنيين وعن الاعتقالات وسجن النساء، وقال من ضمن ما قال إن أسوأ ما رآه فى المقرات الأمنية داخل مصر شاهد أفظع منه داخل مقرات الاحتجاز السرية للدولة التى هاجر إليها وظنها دولة «الخلافة».
لاحقا قيل إن أبو شعيب المصرى قتل بسبب شهادته وتوثيقه لجرائم «داعش» من الداخل، لكن أمرا آخر كان لافتا فى هذه الشهادة، غير أنها أدت إلى قتله، وهى حديثه عن المصريين داخل الهيكل القيادى لداعش، فتحدث بالاسم عن «أبو مسلم المصرى» الذى تبين أنه كان يتولى خلال هذه الفترة منصب قاضى قضاة داعش، وكان واحدا من 4 مصريين أيضا أشارت أبحاث أجريت فى مراكز مرموقة إليهم باعتبارهم يقفون على قمة الجهاز الفقهى لداعش وهم حلمو هاشم المكنى بـ«شاكر نعم الله» وأبو الحارث المصرى، فضلا عن الاثنين السابق الإشارة لهما.
مؤخرا أثارت تصريحات جان ايف لودريان وزير الدفاع الفرنسى التى قال فيها، إن الإرهابيين فى داعش قد يتوجهون إلى تونس ومصر بعد أن يتم طردهم من ليبيا، أثارت الجدل مجددا حول عودة الدواعش إلى مصر، وإن كانت التصريحات استندت فقط إلى جوار مصر وتونس الجغرافى إلى ليبيا، لكن الإرث السابق لمصر مع الجهاديين العائدين من الخارج والمواجهة التى تعيشها الدولة مع جماعات العنف ذات الخلفية الإسلامية يجعل احتمال العودة أمرا قائما.
وهذا جعل الأجهزة الأمنية تتخذ خطوات استباقية لرصد العناصر المصرية الموجودة داخل داعش ليبيا الذى ترجح تقارير أن عددهم يصل إلى 600 مصرى داخل التنظيم الإرهابى.
واللافت أنه مع الحديث عن وجود المصريين فى «داعش» فإنه لا يوجد على وجه الدقة تقدير ثابت لعدد هؤلاء المصريين المنضمين للتنظيم، فمركز «سوفان» لدراسات التطرف قدر عدد المصريين داخل داعش فى نهاية 2014، أى بعد عزل مرسى وتمركز عدد كبير من الإسلاميين المصريين فى تركيا المجاورة لسوريا، بـ380 مصريا فى حين ذكر تقرير نشرته «النيويورك تايمز» عن المقاتلين الأجانب فى صفوف داعش أن عدد المصريين يصل إلى 600 مصرى، وتناقلت وسائل الإعلام روايات كثيرة خلال السنوات القليلة الماضية حول عدد من المصريين الذين هربوا إلى هناك وباتت حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعى محل اهتمام كبير، ومنهم إسلام يكن وصديقه محمود الغندور الذين اختفيا تماما خلال الفترة الحالية، وأشارت روايات نقلها مقربون منهما إلى أنهما قتلا أثناء وجودهما فى مناطق تعرضت للقصف من قوات التحالف الأمريكى، لكن ثمة من شكك فى صدق هذه الروايات واعتبر أنها تهدف لترويج معلومات غير حقيقية عنهما حتى يتم إغلاق ملفهما داخل مصر باعتبارهما قتلا.
أثناء التطاحن الداخلى فى جماعة الإخوان تحدث أحد طرفى الصراع عن انضمام 7 من مجموعات العمل النوعى للجماعة إلى داعش، وأيضا نقلت مواقع إخبارية مقربة من الإخوان شهادات لشباب كانوا من الكتلة الإسلامية التى اعتصمت فى ميدان رابعة من أجل الرئيس «المعزول» محمد مرسى ثم انتقلوا إلى القتال فى سوريا بعد فض الاعتصام، باعتبار أن حدث الفض كان سببا فى تحولاتهم الفكرية تجاه تنظيمات أكثر وضوحا فى تبنى العنف من الإخوان.
فى الماضى عرفت مصر تنظيمات «العائدون من ألبانيا» و«العائدون من أفغانستان» واليوم تخضع عناصر إسلامية للمحاكمة بتهمة التخطيط للعنف بعد عودتهم من سوريا وإن كان بعضهم لم ينتم لداعش، وإنما انضم فى المقابل لتنظيمات فى حالة حرب معها مثل جبهة النصرة التى كانت فرعا لتنظيم القاعدة ثم انفصلت عنها، لكن مع ذلك فإنه لا يمكن التغاضى عن أن جهاديا مصريا بارزا هو أحمد سلامة مبروك كان يجلس إلى جوار أبو محمد الجولانى فى المؤتمر الذى أعلنا خلاله الانفصال عن القاعدة.
وتعليقا على ذلك، يقول أحمد بان، الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية أنه منذ البداية وضع تنظيم داعش بؤر تعد ملاذات بديلة لوجوده فى سوريا والعراق ينقل حركته إليها حال فشل دولته وهذه الملاذات هى الدول التى يوج فيها تنظيمات بايعت داعش، لافتا إلى أن من بين هذه التنظيمات جماعة «أنصار بيت المقدس» فى مصر، مضيفا أنه بالتأكيد فإن حركة داعش فى هذه الدول لن تكون بنفس مستواها وزخمها فى كل من سوريا والعراق، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن هناك من يستبعد وجود الدواعش فى مصر أو أى دولة أخرى بالنظر إلى الصعود الكبير للتنظيم فى سوريا والعراق سابقا دون أن يدرك أن التنظيم يسير بمنطق إدارة التوحش بعد إثارة الفوضى الأمنية واستغلالها، ومن ثم فإنه يمثل بلا شك تحديا أمنيا كبيرا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة