مارك هنا هو مارك زوكربيرج، مؤسس موقع «فيس بوك» الغنى عن التعريف، وقد تناولت فى مقال أمس مشكلته مع آيسبن إيجل هانسن، رئيس التحرير جريدة «أفتنبوست» النرويجية التى ظفر فيها «هانسن» بنصر ثقافى كبير، بعد أن تحدى مارك وأعاد نشر صور هروب الأطفال عرايا من جحيم نيران قنابل النابالم التى حذفها الفيس بوك، فمارك وفقا لسياسته الجوفاء لا ينشر صور «عرايا»، هكذا تقول الأسطورة، بينما تعج آلاف الصفحات على ذات الموقع بملايين الصور المخلة، وملايين الصفحات الداعية للممارسة الجنسية مقابل أجر، ناهيك عن آلاف الصفحات الداعية للعنف والمباركة الإرهاب، لكن «مارك» لم ير كل هذا، وحذف صورة من أبلغ صور التاريخ، لأنها منشورة على حساب رسمى لجريدة شهيرة، ومن خلف الكواليس تقف نوايا مبهمة من الصحف وناشريها والعاملين فيها، فتحدث العديد من المضايقات للناشرين، ويجبرك مارك على المرور من بوابة العبودية الإعلانية له، مقابل أن تصل إلى القراء المشتركين بالفعل فى صفحتك والحريصين على متابعتك.
تصرف «أرعن» من شاب وجد فى يده أكثر من 45 مليار دولار هى حصيلة أرباحه «وحده» من الفيس بوك، وبدلا من أن يدخل عصرا جديدا للتعاون الخلاق مع من يدعمون صفحاته بملايين المعجبين، ويثرون موقعه بالأخبار والتحقيقات والتحليلات دخل مارك فى حرب خفية معهم من أجل «تجويع» الصحفيين وتشريد العاملين فى الصحف، ليقف الفيس بوك وحده كمصدر وحيد للأخبار، أو قل كمصدر وحيد للشائعات، أو لينصب نفسه مصدرا رئيسا لكل شىء وأى شىء فروعون جديد، لا ينقصه إلا أن يملى علينا ما نأكله وما نلبسه.
يحدث هذا فى غيبة من الدول التى توفر البنية التحتية للإنترنت، وتعلم أبناءها فى المدارس ليستوعبوا ذلك المحتوى الضخم، وتنفق على مشاريعها فى مجال الاتصالات لتطور الخدمات، ليأتى «مارك» فى النهاية ويستولى على أموالها ويستفيد من مشاريعها ويحتكر سوقها من أجل تنمية أرباحه وحده، وليس هذا فحسب، وإنما يتدخل فى المحتوى الإخبارى الذى تقدمه الصحف لقرائها، ويحذف ما يشاء وينشر ما يشاء، محتركا لنفسه الحق فيما يراه الناس وما لا يرونه، ليس هذا فحسب وإنما يطور شبكته ليحرم المواقع الإلكترونية من زائريها ليظل هو «وحده» المستفيد، فلا يدفع ضرائب، ولا تأمينات، ولا ينفق مليما واحدا فى البلاد التى يقتحمها، والدولة «غائبة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة