خلال يومين ماضيين تلقيت اتصالات من أصدقاء فى منطقة الخليج مصحوبة برسالة على بريدى الخاص، تتضمن مقالا أكثر من رائع للكاتب السعودى المحترم جميل الفارسى، يتحدث فيه عن مصر وتاريخها ودورها، ويوجه فيه رسالة إلى الأجيال الحالية، التى لا تعرف الكثير من الحقائق عن مصر العربية وتنساق وراء مخطط «غسيل الأدمغة» فى حروب الجيل الرابع، وتردد أكاذيب وشائعات وتتجاوز عن جهل وعدم معرفة فى الهجوم على مؤسسات مصر الوطنية.
المقال بصراحة يعكس حالة من العشق الصادق لكاتب سعودى عروبى لمصر قلب العروبة فى الماضى والحاضر ، وحالة من الوفاء لمصر وما قامت به ومازالت من أجل حاضر ومستقبل الأمة العربية.
وهو مقال بالتأكيد قد لا يعجب الكثير من النخبة الفاسدة، ويؤكد أن هناك من غير المصريين ومن لا يحملون جنسيتها من هم أكثر مصرية ووطنية وحبا لمصر، ومعرفة بقيمتها وتاريخها ودورها من كثير من المصريين للأسف الكارهين لأوطانهم الذين لا يرضيهم سوى أن يروا مصر ممزقة ومشتتة ومدمرة، لا قدر الله.
ويسمح لى كاتبنا العربى السعودى المحترم أن أعيد بعضا من مقاله الذى كتب يقول فيه: «سوء حظ مصر مع مجموعة من الشباب العرب الذين لم يعيشوا فترة ريادة مصر»، تلك الفترة كانت فيها مصر مثل الرجل الكبير تنفق بسخاء وبلا امتنان، وتقدم التضحيات المتوالية دون انتظار للشكر. هل تعلم يا بنى أن جامعة القاهرة وحدها قد علمت حوالى مليون طالب عربى، ومعظمهم بدون أى رسوم دراسية؟ بل وكانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل الطلاب المصريين؟
وهل تعلم أن مصر كانت تبتعث مدرسيها لتدريس اللغة العربية للدول العربية المستعمرة حتى لا تضمحل لغة القرآن لديهم، وكذلك على حسابها؟ هل تعلم أن أول طريق مسفلت إلى مكة المكرمة شرفها الله كان هدية من مصر؟
حركات التحرر العربى كانت مصر هى صوتها، وهى مستودعها وخزنتها، وكما قادت حركات التحرير فإنها قدمت حركات التنوير، كم قدمت مصر للعالم العربى فى كل مجال، فى الأدب والشعر والقصة وفى الصحافة والطباعة وفى الإعلام والمسرح، وفى كل فن من الفنون ناهيك عن الدراسات الحقوقية ونتاج فقهاء القانون الدستورى.
وكما تألقت فى الريادة القومية تألقت فى الريادة الإسلامية، فالدراسات الإسلامية ودراسات القرآن وعلم القراءات، كان لها شرف الريادة، وكان للأزهر دور عظيم فى حماية الإسلام فى حزام الصحراء الأفريقى،
وكان لها فضل تقديم الحركات التربوية الإصلاحية.
للحديث بقية ونستكمل لاحقاً.