من أفضل القرارات التى اتخذها مجلس الوزراء، رغم أنه تأخر كثيرا، هو أنه حظر تجميل الميادين أو وضع تماثيل أو لافتات تجميلية فى الشوارع إلا بإشراف وزارتى الثقافة والآثار، وهذا القرار، رغم أنه تأخر حسب رأى بعض الفنانين التشكيليين أكثر من أربع سنوات إلى أن فسدت الذائقة تماما، وأصبح من الصعب العودة للفطرة الجمالية وامتلأت شوارع مصر وميادينها بكل قبيح ومشوه، لكننا لا نستطيع أن نقلل منه فهو مهم وكما يقول المثل «أن تأتى متأخرا خير من ألا تأتى أبدا».
لكن ما نريد أن نقوله الآن هو أنه لم يعد هناك مجال للخطأ فاختيار وزارتى الثقافة والآثار للإشراف يعنى أننا وصلنا لحائط الصد الأخير ولا تجوز نسبة خطأ واحدة، والخطأ هنا معناه مختلف فلا يعنى نسب مختلفة أو ألوان فاقع لونها لكن الخطأ يعنى البعد عن فهم الناس، فلا يجب أن يكون التمثال أو الجدارية الموجودة فى الميدان غير مفهومة أو ملتبسة المعنى حتى لو كانت جميلة، الناس بجانب الجمال تريد أن نفهم المعنى الكامن خلف التمثال واللوحة والجدارية.
ليس شرطا أن يكون الفهم كاملا ومفضوحا لكن على الأقل يفهمون القصد من ورائه والغرض منه ولماذا هذا الشكل فى هذا المكان، فمثلا يجب أن يكون فى ميدان يحمل اسم مصطفى كامل ما يوحى إليه سواء تمثال يحمل ملامحه أو لوحة عن أزمة دنشواى أو غير ذلك، مما يمكن الربط بينهما حتى لو أتعب الإنسان العادى عقله بعض الشىء.
نحن الآن نراقب ما ستفعله الوزارتان فى هذا الأمر وكيف سيتم التنسيق بينهما، لأن الطريقة التى سيتم بها ذلك ستكف لنا مستقبل الجمال فى مصر، فى وزارة الثقافة لدينا قطاع الفنون التشكيلية بنحاتيه ومبدعيه ولدينا الجهاز القومى للتنسيق الحضارى وفى وزارة الآثار لدينا المرممون فكيف سيتم الاتفاق بين هذه الفرق، هل سيتم تكوين لجنة تجمع مبدعين من الوزارتين يتحركان معا حتى ينتهيا من الأمر، وهل سيستخدم التنسيق الحضارى سلطاته المتمثلة فى الضبطية القضائية فى مطاردة التماثيل المشوهة أو رجال الحى الذين لم يلتزموا بقرار مجلس الوزراء، وهل سيكمل الأثريون ما قام به النحاتون ويضعون اللمسات التجميلية النهائية، أن كل وزارة وكل هيئة ستفعل ما تراه على حدة وعندما يخرج الأمر مشوها وسيئا يقومون بمهاجمة الجميع وتبادل التهم فيما بينهم.
يهمنى أن تنجح وزارتا الثقافة والآثار فى هذا الاختبار الصعب، لكن عليهم أن يعرفوا أن الناس منتظرة أول ما يفعلونه ولن يرحموا أى استهانة أو تراخ فى تجميل مصر.